الباقي ولاستصحاب حليّة الاستمتاع (١) بما دون الفرج على أنّ القائل به من أصحابنا نادر بخلاف الأوّل ، والاحتياط يقتضي الاجتناب.
(وَلا تَقْرَبُوهُنَّ) تأكيد للاعتزال ، وبيان للغرض منه ، وهو يؤيّد الأوّل. إذ مقاربة النساء كناية عن مجامعتهنّ ظاهرا.
(حَتَّى يَطْهُرْنَ) قرأ حمزة والكسائي بالتشديد : أى يطهّرن ، وقرأ الباقون بالتخفيف بمعنى يخرجن من الحيض يقال : طهرت المرأة إذا انقطع حيضها.
وقد اختلف الأصحاب بل العلماء في أنّ الاعتزال مغيّى بانقطاع الدم أو بالغسل فعلى قراءة التخفيف تكون الآية دالّة على أنّ الغاية انقطاع الدم ، وعلى هذا أكثر الأصحاب.
وفي الأخبار دلالة عليه روى الشيخ عن علىّ بن يقطين (٢) عن أبي الحسن عليهالسلام قال : سألته عن الحائض ترى الطهر فيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل. قال : لا بأس وبعد الغسل أحبّ إلىّ ، ونحوها ، وعلى قراءة التشديد تكون دالّة على أنّ غاية الاعتزال
__________________
(١) أقول : لا مجال للأصل والاستصحاب هنا. إذ لنا أن نقول بعد فرض إجمال الآية وتعارض الاخبار : إن قوله ـ عز من قائل ـ في سورة المؤمنون (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) الآية ٥ ـ ٦ وسورة المعارج الآية ٢٩ و ٣٠ عام دل على حلية كل استمتاع من الزوجة خصص بالمخصص المنفصل المجمل المردد بين الأقل والأكثر. فيكون حجة في غير ما تيقن تخصيصه وهو الجماع كما تقرر في الأصول ، ومع وجود الدليل اللفظي والحجة على الحكم لا مجال للأصل والاستصحاب فان مفاد الأصل هو البناء العملي على تقدير الشك في الشيء ، ومع الدليل والحجة يرتفع الشك ولو بالتعبد الشرعي سواء سمينا أحدهما حاكما على الأخر أو واردا أو غيرهما وسواء كان مفاد الأصل أو الاستصحاب موافقا لمفاد الدليل أو مخالفا ، وقد تقرر كل ذلك في الأصول.
(٢) انظر التهذيب ج ١ ص ١٦٧ الرقم ٤٨١ والاستبصار ج ١ ص ١٣٦ الرقم ٤٦٨ ورواه في الكافي بسند غير سند الشيخ انظر الباب ٨١ من كتاب النكاح وفي مرآت العقول ج ٣ ص ٥١٨ ولفظ الكافي ، والغسل أحب إلى.