التسبيح والاستغفار فلكل منهما مبرراته.
أما التسبيح ، فله أكثر من وجه :
أولا : إنه مصداق للشكر. فإن للشكر مصاديق كثيرة منها : التسبيح وكذلك للحمد مصاديق كثيرة منها التسبيح ، كما نقول في ذكر الركوع والسجود : سبحانه ربي العظيم وبحمده.
ثانيا : إن النعم المذكورة في السورة آيات عظيمة لله سبحانه ، ويكفي في تصور عظمتها أن فيها تطويعا لهذا المقدار الضخم من الناس. مع ما فيهم من نفوس أمارة وأهداف دنيوية وجهل ديني. وهذا التطويع يدل على عظمته. فإن النفس مهما كانت صعبة المراس ، إلّا أنها خاضعة لتطويعه سبحانه من حيث لا تعلم. فناسب ذلك وجود التسبيح.
ثالثا : أن يكون المراد بالتسبيح ، فهم معناه من حيث إدراك عظمة تلك النعم وأهميتها والتفكير بها. فإنه مصداق من التفكير في خلق الله سبحانه ، المطلوب في القرآن الكريم. قال تعالى (١) : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ).
وأما الاستغفار ، فله أيضا ، أكثر من وجه :
أولا : الاستغفار لأمته ، كما قال الله تعالى (٢) : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً).
ثانيا : الاستغفار للتائبين والداخلين جديدا في الإسلام. وهو مورد الكلام في السورة.
ثالثا : الاستغفار مما قد حصل في مقدمات هذا الفتح من تقصيرات ونحوها.
__________________
(١) آل عمران / ١٩١.
(٢) النساء / ٦٤.