أقول : إن هذا لا يتم لعدة أمور :
أولا : عدم ثبوت هذه الرواية سندا.
ثانيا : إنه لا يفسر الارتباط بين النصر ، والاستغفار. فيبقى جواب الشرط غير مرتبط بفعل الشرط. وما خالف ظاهر القرآن الكريم فهو باطل.
ثالثا : إذا كان المراد فتح مكة ، كما عليه مشهور المفسرين ، فهو قد حصل قبل وفاة النبي صلىاللهعليهوآله بأربع أو خمس سنين لا بسنتين ظاهرا.
رابعا : يحتمل أنها نزلت قبل فتح مكة ، فتزداد بعدا عن سنة وفاته صلىاللهعليهوآله.
وذلك لقرينتين :
أولاهما : نقل ذلك في رواية أخرى (١).
ثانيهما : إن «إذا» استقبالية تقلب معنى الفعل الماضي ـ وهو جاء ـ إلى الاستقبال. فيكون ظاهره التنبؤ بحصول النصر في المستقبل.
خامسا : إنه ليس فردا عاديا لينسى الموت ، كي يكون من الحكمة تذكيره به ، وحثّه على زيادة العمل قبله.
سادسا : إن النبي صلىاللهعليهوآله معصوم ، فلا تحتاج وفاته ـ لو صح التعبير ـ إلى مزيد من الاستغفار والتسبيح. ويكفي أن نتذكر أنه قد نص القرآن الكريم على غفران ذنوبه أكثر من مرة. منها قوله تعالى (٢) : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ). وقوله سبحانه (٣) : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ).
ثانيا : من الجواب على الشكل الثاني من الأشكال : أن الفصل بين
__________________
(١) انظر : في ظلال القرآن ، ج ٣٠ ، ص ٢٧٦ عن البخاري.
(٢) الفتح / ٢.
(٣) الانشراح / ٢ ـ ٣.