الأمر الأول : ما المانع من القول : بأن رأى القلبية تنصب مفعولا واحدا؟
المانع عن ذلك في نظرهم المادي : أن الرؤية القلبية متعذرة لشيء معين أو قل لمفعول واحد. فلا يمكن القول : رأيت زيدا ونريد به الرؤية القلبية. في حين أن القرآن قد استعمل ذلك. قال تعالى (١) : (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ). فينظرون بالحس المادي ولا يبصرون بالحس المعنوي. يعني أنهم لا يفقهون مستوى النبي صلىاللهعليهوآله وعقله وحكمته وكونه مدينة العلم. فهم يرونه ولكنهم لا يعرفونه. وعليه فإن رأى القلبية يمكن أن تنصب مفعولا واحدا كالحسية تماما.
الأمر الثاني : ما المانع من التخيير بين المفعول الواحد والمفعولين؟ وكلاهما ممكن. فإذا قصد المتكلم منصوبا واحدا ، أمكنه الاقتصار عليه سواء كانت الرؤية مادية أو معنوية. وإذا قصد المتكلم وجود مفعولين ، يعني إدراك الصفة ، جاء بمفعولين ، سواء كان ذلك الإدراك ماديا أو معنويا فيكون المنصوب الثاني في قولنا : رأيت زيدا طويلا مفعولا ثانيا ، كما في قولنا : رأيت زيدا عالما.
الأمر الثالث : إننا وجدنا أن «رأى» الحسية تأخذ منصوبين. والعرب قد استعملوها هكذا ، ولم يفسروها. فالمنصوب الثاني يمكن أن يكون مفعولا ، كما يمكن أن يكون حالا أو نحوه. وهذا كله معقول بعد ملاحظة هذه المقدمات. فيكون المنصوب الثاني في قولنا : رأيت زيدا عالما ، حالا. كما في قولنا : رأيت زيدا طويلا ...
فإن قلت : إننا حتى لو سلمنا بذلك ، فإن الآية ظاهرة بالحالية.
قلنا : إننا بعد أن رجحنا أن «رأيت» في الآية الكريمة قلبية ، وهي صغرى سبق ذكرها. يتعين أن تكون جملة «يدخلون» مفعولا ثانيا. فإن أعربناها حالا فقدت رأى القلبية مفعولها الثاني.
وعلى أي حال ، فمقتضى القاعدة أن جملة «يدخلون» مفعول ثان
__________________
(١) الأعراف / ١٩٨.