وخاصة إن علمنا أن الكوثر من مختصات النبي صلىاللهعليهوآله وكل مختصاته خير كثير بل هي غير متناهية ، بل إن كل صفاته كوثر ، من مصاديق الكوثر. وقد عرفنا أنها معان غير متنافية.
ولكن على تقدير التنافي ، كما هو ظاهر قائليها ، وظاهر المفسرين ، كما هو ظاهر الميزان أيضا ، لا بد من الرجوع في التعيين إلى حجة. وإلّا كان من تفسير القرآن بالرأي وهو محرم. والحجة هنا ، هي إما ظاهر القرآن أو هي السنة الشريفة ، فإن أقمناها ، لم يبق أمامنا إلّا معنيان أو ثلاثة ، على ما سيأتي.
والمعاني المهمة المتصورة ثلاثة :
المعنى الأول : الذرية ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ). إذا فسرناه بما فسره مشهور المفسرين وأيده صاحب الميزان ، حين قال (١) : الأبتر من لا عقب له. فيكون ذلك ، بمنزلة القرينة المتصلة على أن المراد هو الذرية.
وبه يتحد مضمون السورة كلها ، وهدفها ، وقد وردت في ذلك روايات ، نقلها صاحب الميزان (٢). فراجع.
المعنى الثاني : الحكمة ، بدليل قوله تعالى (٣) : (مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً). فهي إذن خير كثير بالحمل الشائع بنص القرآن ، فيكون بمعنى الكوثر.
المعنى الثالث : حوض الكوثر. أو نقول : ماء في الدار الآخرة ، إما بشكل حوض أو نهر ، في القيامة أو في الجنة. فإن شكله الحقيقي عند الله ، وهو مما لا نفهمه الآن بطبيعة الحال.
وعلى أي حال ، فهذا المعنى ما استفاضت به الروايات. وأشهر حديث
__________________
(١) ج ٢٠ ص ٣٧١.
(٢) ج ٢٠ ص ٣٧٢.
(٣) البقرة / ٣٦٩.