هذه السورة ليست قطعية. بل هي الأفضل ، كما ذكرنا.
الوجه الثاني : إن وجود القرائن الثلاث ، على أن المراد من الكوثر هو الذرية ، ينافي الروايات المستفيضة الدالة على كون المراد منه حوض الكوثر ، ومعه فيمكن اعتباره تقييدا أو تفسيرا للكوثر. فمن حق السنة ، أن تقييد ظاهر القرآن الكريم.
الوجه الثالث : عدم المنافاة بين كثرة الذرية وغيره من المعاني ، كما سبق أن بيّناه ، غاية الأمر أن الآية الأخيرة ، تكون خاصة بهذا المعنى فقط.
الوجه الرابع : إن كل ذلك مبني على أن الأبتر هو من لا ذرية له. وأما إذا فهمنا منه معنى أوسع من ذلك ، صح. لأن الأبتر هو مبتور الذنب.
فيصلح أن يكون مجازا لأي حرمان أو نقصان. ومعه فأي معنى قصدناه من الكوثر ، يمكن أن نقصد عدمه من الأبتر. ومنه الحرمان من الخير الكثير. فإنه معطى للنبي صلىاللهعليهوآله ومحروم منه عدوه ، فيتحد بذلك هدف السورة ويكون بعضها قرينة على بعض :
ويمكن أن نفهم العموم من الثلاثة ألفاظ في السورة :
* الكوثر : وهو الخير ، بالمعنى الكلي.
* الأبتر : منقطع الخير ، أي خير.
* شانئك : مطلق المنتقد والعدو. وكل عدو للنبي صلىاللهعليهوآله يصدق عليه ذلك ، ولا ينبغي أن نحمله على ما ورد في الروايات (١) من أن المراد به «العاص بن وائل» لأن ذلك على خلاف مضامين أخبار الجري. كالذي ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام (٢) : إن القرآن حي لم يمت وإنه يجري كما يجري الليل والنهار وكما يجري الشمس والقمر. ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا. فمثل هذه الأخبار تكون قرينة على التجريد
__________________
(١) ان «ر الميزان ج ٢٠ ص ٣٧٤ ...
(٢) البحار ج ٣٥ ، ص ٤٠٤.