عن الخصوصية ليس هنا فحسب بل في كل القرآن.
كما أنه لا وجه لأن نفهم من (شانئك) خصوص هذا الرجل لأنها خالية من الألف واللام. ليمكن حملها على العهد. وإن كان ذلك هو سبب النزول ، إلّا أن المورد لا يخصص الوارد. كما هو القاعدة المتفق عليها.
وتكون النتيجة : إن النبي صلىاللهعليهوآله له الكوثر أي الخير الكثير من جميع الجهات. وهو أهل لذلك لأنه أعلى الخلق وأعلم الخلق. وعدوه خال من ذلك. وبيان ذلك هو هدف السورة. وكل من كان له بالنبي صلىاللهعليهوآله أسوة حسنة ، وبالمعصومين (عليهمالسلام) فإنه ينال من خيره صلىاللهعليهوآله بمقدار استحقاقه.
إن قلت : إننا إن فهمنا من الشانئ : العدو بالمعنى العام ، لم يكن أبتر ، لأنه قد أوتي خيرا كثيرا. كما نراه اليوم للكافرين. فإن الدنيا لهم متسقة ومستوسقة ، وليس لأهل الحق منها شيء. بل «أيديهم من فيئهم صفرات» (١) فكيف وصف الشانئ بأنه أبتر بهذا المعنى؟
قلت : إنه خير مادي ، خال من الخير المعنوي. فإن قلوبهم خراب من الهدى. وهذا هو الجانب الأهم في نظر الشريعة ، إلى حد يبقى الظاهر ناقصا جدا ، بل ملحقا بالعدم. بالرغم من أهميته.
مضافا إلى أننا لو لاحظنا هذا الخير الدنيوي ، بالقياس إلى خير الآخرة ، لرأيناه أيضا ملحقا بالعدم. كما روي عن الإمام الحسن السبط عليهالسلام (٢) : ما مضمونه : إنك لو رأيت ثوابي في الجنة لقلت : إني الآن في سجن ، هذا بالرغم من حسن لباسه وكثرة ماله.
إذن ، فابن الدنيا (أبتر) من الناحية العقلية والمعنوية والأخلاقية وإن لم يكن كذلك من الناحية الدنيوية.
__________________
(١) ديوان دعبل الخزاعي : ص ٩٥.
(٢) البحار : ج ٤٣ ص ٣٤٦.