فإن قلت : هل مثل هذا الكلام مما تستحقه قريش عبدة الأصنام؟
قلت : أولا : إننا حملنا كلا الأمرين (الطعام والأمن) على المعنى المعنوي. فيمكن أن نفهم من قريش المعنى المعنوي أيضا. وذلك أن يكون المراد كل فئة متدنية بالنسبة إلى الكمال الذي لم يصلوه. وإن الوصول إليه منوط بالتوفيق الإلهي الذي أطعمهم وأمنهم وسيّرهم في طريق التكامل الذي مشوا فيه.
ثانيا : إنه تعالى أعطى قريشا نفسها وأطعمهم وأمنهم ، ببزوغ نور الإسلام الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور.
غير أن إنزال الإسلام وتبليغه ، إنما هو سبب اقتضائي للهداية وليس علّيا ، وإنما تنفع حقيقته حينما تتم أجزاء العلة ، بالدخول إلى الإسلام ، وإطاعة أحكامه.
وعلى هذا يمكن القول بإمكان عموم الإطلاق (للإطعام والأمان والنعم الإلهية) إلى كل من المعاني المادية والمعنوية والدنيوية والأخروية ، وعدم الانحصار ببعضها دون بعض.