وقال الراغب في المفردات (١) : قيل : الضبح صوت أنفاس الفرس تشبيها بالضباح وهو صوت الثعلب. وقيل : هو حفيف العدو ، وقد يقال ذلك للعدو. وقيل : الضبح كالضبع ، وهو مدّ الضبع في العدو. وقيل : أصله إحراق العود ، وشبه عدوه به كتشبيهه بالنار في كثرة حركتها.
أقول : من الواضح أن الراغب لم يجزم بشيء من هذه الآراء ، وإنما عرضها كأطروحات مصححة للمعنى. كما يمكن أن يكون المراد الرطوبة الخارجة من فم الفرس عند الركض. واستشكل المشهور على هذا القول لأن الإبل والإنسان لا تخرج منه رطوبة ، بل يجف فمه عند العدو. فمع تعين هذا الوجه ، يتعين أن يكون المراد بالعاديات الجياد.
سؤال : ما هو إعراب : ضبحا؟
جوابه : لذلك عدة أطروحات :
الأولى : ما قاله العكبري عنها (٢) : مصدر في موضع الحال ، أي : والعاديات ضابحة.
الثانية : منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل من غير لفظه.
الثالثة : منصوب على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره اضبحي ضبحا. أي اركضي ركضا. وفرقها عن الثانية أنها هنا تصح لو كانت معرفة وهناك تصح لو كانت نكرة. كأنه قال هنا : اركض الركض.
وكلا الأطروحتين الأخيرتين قابل للمناقشة :
أما الأول ، فلأنه لا يصح مفعولا مطلقا إلّا بتقدير أمر قبله ، أي اضبحي ضبحا ، وهو هنا مما لا يصح لأنه مناف للقسم. فلو صدق للزم إلغاء القسم. وإنما قد يصح إذا كان على نحو النداء ، يعني يا أيها العاديات اضبحي ضبحا.
__________________
(١) المفردات مادة «ضبح».
(٢) ج ٢ ، ص ١٥٧.