(فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) : فإن الإبل ليس فيها نعل لتقدح الأرض. فلا بد من حمله على المجاز. لأن القدح بمعنى قدح العود الذي يدل على الحرارة ، والسرعة أيضا تنتج الحرارة. فتكون قابلة للانطباق على الإبل والأفراس معا.
(فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) يمكن تجريدها عن خصوصية الإغارة الحربية إلى كل مجيء بهمة وبسرعة ، فهو بمنزلة الغارة.
(فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) ويكون المراد به الإبل. فرقها عن الفرس أن الفرس ترجع رجليها إلى الخلف ، فتثير غبارا غليظا. وهو غير موجود للإبل. غير أن الغبار موجود في الجملة ، على أي حال.
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) ، يحتمل فيها جمع الناس ، إذا حملناها على مطلق السفر ، ويحتمل فيها الأرض التي تسمى جمع. ولها ثلاثة أسماء : جمع والمزدلفة والمشعر.
ومن فسر العاديات بالإبل ، فسر (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) بالذهاب إلى منى في صبح عيد الأضحى. قال صاحب الميزان (١) : وقيل المراد بها الآبال ترتفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى. والسنة أن لا ترتفع حتى تصبح. أقول : ولكن حسب تفسيرنا يكون ذلك واضح الإشكال. لأن جمع هو المشعر. فيكون المراد أنهم دخلوا المشعر لا أنهم خرجوا منه.
فإن قلت : فكيف يكون زمن الصبح؟ قلت : إن دخول المشعر يكون في الصبح ، من الفجر إلى طلوع الشمس.
المعنى الثالث : الناس الحجاج. والنتيجة واحدة مع الوجه السابق. لأن الحجاج لا يكونون راجلين بل راكبي الإبل. فهنا نقصد الراكب ، وهناك قصدنا المركوب (وهو الإبل).
المعنى الرابع : السالكون طريقة الهداية والرحمة. ونطبقه على تفاصيل الآيات :
__________________
(١) المصدر والصفحة.