القيامة ثلاثة أمور : الأول : رجوع الموتى إلى الحياة. الثاني : الذهاب إلى عرصة المحشر. الثالث : الحساب في عرصة المحشر. وأشتاتا يعود إلى الأمر الثاني. وفي عرصة المحشر يجمعون بعد التفرق.
الخامس : أن نقول بالحشر التدريجي ، وفكرته : أن كل جماعة أو كل جيل ، أو كل دين يحشر لوحده ويحاسب. فيراد بالتفرق والأشتات أي في أزمنة متعددة.
ويرد عليه : أن هنا وضوحا في أذهان المتشرعة بحصول الحشر الدفعي. وأن الحشر التدريجي باطل. وكذلك هو ظاهر قوله تعالى (١) : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
ويمكن أن يجاب على ذلك بما ورد في عدد من الروايات (٢) : أن قبل آدمكم هذا ألف آدم وألف عالم. فهل يحاسب هؤلاء كلهم دفعة واحدة؟
حسب فهمي : أن كل نسل يحاسب على حدة. والحساب إن لاحظناه دفعيا فهو صادق لكل نسل وحده. وإن لاحظناه تدريجيا ، فباعتبار تعدد النسل ، كما نصت عليه الروايات ، المشار إليها.
فإن قلت : فما المقصود إذن ، من الناس في قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً)؟.
قلت : إن المقصود بهم أحد أمرين : إما أولاد آدم ، أي النسل الحالي على وجه الأرض. وهذا هو الأقرب إلى الظهور الأولي للقرآن الكريم ، فيثبت الحشر الدفعي لهذا النسل.
وإما أن يراد بهم الذوات العاقلة المدركة القابلة للثواب والعقاب. وهذا المعنى شامل لكل ذلك النسل المشار إليه في الروايات. إلّا أن هذا يعني أن لكل نسل منهم حشرا دفعيا. وهو معنى وجيه ، وأما أن نقول إن ظاهر الناس اجتماع كل تلك النسول دفعة واحدة. فهذا مما لا يمكن المصير إليه.
__________________
(١) الكهف / ٤٧.
(٢) الخصال ، ص ٦٥٢ ، والتوحيد للصدوق ، ص ٢٧٧.