متفرقين يومئذ انصرافهم عن الموقف إلى منازلهم في الجنة والنار. أقول : فيكون الجمع في الموقف والتفرق بعده.
ويرد عليه : أن أشتاتا حال من يصدر ، فيكون المعنى أنهم يصدرون حال كونهم أشتاتا. في حين أن مقتضى هذا الوجه هو أنهم يتفرقون بعد ذلك في منازلهم من الجنة والنار.
مضافا إلى نص الآية أنه : يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم وذلك في يوم القيامة. فالصدور سابق على يوم القيامة ، فهذه الصفة ، أعني أشتاتا ، سابق عليه أيضا.
وأما ذهابهم إلى منازلهم ، فيكون على معنى أنهم يرون نتائج أعمالهم ، من الثواب والعقاب. وإفادة ذلك من الآية يحتاج إلى تقدير ، وهو خلاف الأصل.
الثاني : ما في الميزان أيضا حين قال (١) : وقيل : المراد خروجهم من قبورهم إلى الموقف متفرقين متميزين بسواد الوجوه وبياضها ، وبالفزع والأمن وغير ذلك ، لاعلامهم جزاء أعمالهم بالحساب.
ويرد عليه : أن الأشتات والتفرق صفة للصدور في الآية ، وليس صفة للأوصاف والحالات. ويكون فهم ذلك متوقفا على التقدير ، وهو خلاف الأصل.
الثالث : إن أشتاتا راجع إلى ما قبل الحشر عند الخروج أو الصدور من قبورهم باعتبار تفرق قبورهم. أو لأنهم كانوا في الدنيا مشتتين. فيكون الحاصل : أنهم يجمعون بالرغم من تفرقهم.
وجوابه : أن الظاهر عودة الأشتات إلى الصدور. يعني بعد الصدور ، لا قبله.
الرابع : إنهم أشتات ما بين الصدور والحشر. فإن الذي يحصل في يوم
__________________
(١) المصدر والصفحة.