البسملة أن نتصور أن العمل مظروف واسم الله ظرف. وأن العمل مظروف ـ مجازا ـ لاسم الله تعالى لكي تزيد بركته.
الوجه الرابع : الاستعلاء. ومنه قوله تعالى (١) : (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ). أي على قنطار. وكذلك قوله تعالى (٢) : (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ). فيكون المعنى في البسملة إفادة التوكل على الله. بمعنى : أبدأ على اسم الله أو توكلت على الله. والعامة تقول : توكلت بالله.
وكل تلك المعاني ممكنة وصحيحة ، وقد تكون كلها مرادة. ولا يتعين واحد منها ، ولا يوجد ظهور في أحدها. كما روي (٣) : إن للقرآن بطنا ولبطنه بطن. وروي : إن له سبع بطون. وإن : له سبعون بطنا. ونحو ذلك ، ولكن الإنسان المحدود لا يدركها كلها. غير أن الله تعالى اللامتناهي يمكن أن يقصد معان لا متناهية.
سؤال : لما ذا لم يستعمل غير الباء من حروف الجر؟
جوابه : لأنه لا يمكن لأي حرف غيرها أن يقوم مقامها وأن يؤدي مؤداها. وقد سمعنا المعاني الأربعة السابقة. وليس في حروف الجر ما يؤديها جميعا غير الباء. مع العلم أن مقتضى الحكمة تنبيه القارئ عليها ، أو إلى ما يتيسر له منها.
سؤال : ما هو متعلق الباء في البسملة؟ فإن الجار والمجرور يحتاج إلى متعلق نحويا لا محالة.
جوابه : إن هذا المتعلق له نحوان من التصور :
النحو الأول : وهو المشهور ، يكون بتقدير فعل مناسب مع السياق ، كقولنا أبتدئ أو أستعين أو أعمل ونحوها.
__________________
(١) آل عمران / ٧٥.
(٢) المطففين / ٣٠.
(٣) البحار ج ٩٢ ، ص ٩٥.