الجهة الأولى : في الخلود لأي إنسان. وجهة السؤال فيه : إننا لو فرضنا أن الإنسان قد أذنب طول عمره ، وهو محدود. فهل يبقى في العذاب مدة لا متناهية؟ وهذا خلاف العدل ، بأن تزيد العقوبة على الذنب.
وجوابه : أحد أمرين :
الأمر الأول : نقضا : في جانب الجنة : فإن أهلها خالدون فيها خلودا أبديا. مع أنهم أطاعوا الله ـ على سبيل الفرض ـ طول عمرهم ، وهو محدود. ونسبة المتناهي إلى اللامتناهي صفر. فيأتي فيه نفس الكلام ، وما يقال هنا يقال هناك.
الأمر الثاني : حلا وهو أحد أمرين :
الأول : ما ورد في السنة الشريفة من تفسيره (١) : بأن الإنسان لو بقي في الدنيا إلى ما لا نهاية لاستمر على المعصية إلى ما لا نهاية. فيعاقبه على الذنوب التي يمكن أن تحصل منه.
ويجاب عليه : أن العقاب على الذنوب التقديرية الحاصلة في المستقبل ، ولم تحصل فعلا ، ظلم أيضا. ولكن يمكن أن يجاب عليه ، بما يلي :
الثاني : إن العقاب ليس على هذه الذنوب التي سوف تحصل. بل هو عقاب على سببه ومعدنه وعينه ، وهي العين النابعة أو المنبعة للذنوب. وهو سوء السريرة والنفس الأمارة بالسوء. فمهما بقي الفرد على سطح هذه الأرض ، فإنه يبقى في حالة ذنب وعصيان.
فإن قلت : بأن هذا الوصف غير اختياري ليصح العقاب عليه.
قلت : جوابه من وجهين :
الوجه الأول : إنه اختياري لأنه رباه ونماه بذنوبه السابقة. فاشتد مستواه التعصبي للكفر والفسق والفجور. بل اقتنع بوجوده ولعله أصبح مفتخرا به. فهو اختياري.
__________________
(١) انظر نحوه في أصول الكافي ج ١ ص ٨٥.