٣ ـ النسق القرآني : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى) إلخ.
وإنما المراد بالنهي : النهي عن كل طاعة سواء كانت في فروع الدين أو في أصوله أو يأمر بالظلم أو ينهى عن شيء من الإنسانية ونحو ذلك. والنهي عن مطلق الطاعة يكون أمرا بالبعد عن الله والقرب من الدنيا. كما لا فرق في ذلك بين النهي بالمطابقة والنهي بالالتزام ، فإن من يأمر بالدنيا يبعد عن الآخرة.
وهنا ينبغي أن نلاحظ أن قوله : اذا صلّى ، جملة شرطية ، جزاؤها محذوف ، تقديره : إذا صلّى ينهاه هذا الناهي. فيعرف الجزاء مما قبله من القرائن.
قال في الميزان (١) : وسياق الآيات ـ على تقدير كون السورة أول ما نزل من القرآن ونزولها دفعة واحدة ، يدل على صلاة النبي صلىاللهعليهوآله قبل نزول القرآن. وفيه دلالة على نبوءته قبل رسالته بالقرآن.
أقول : يعني أن الصلاة كانت للنبي بصفته نبيا ، وإن لم يكن مرسلا إلى ذلك الحين.
وأضاف : وأما ما ذكره بعضهم من أنه لم تكن الصلاة مفروضة في أول البعثة ، وإنما شرعت ليلة المعراج على ما في الأخبار. وهو قوله تعالى (٢) : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ).
ففيه : أن المسلم من دلالتها أن الصلوات الخمس إنما فرضت بهيئتها الخاصة ركعتين ليلة المعراج ، ولا دلالة فيها على عدم تشريعها قبل. وقد ورد في كثير من السور المكية ، ومنها السور النازلة قبل سورة الإسراء كالمدثر والمزمل وغيرها ذكر الصلاة ، بتعبيرات مختلفة وإن لم يظهر فيها من كيفيتها ، إلّا أنها كانت مشتملة على تلاوة شيء من القرآن والسجود.
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٢٥.
(٢) الإسراء / ٧٨.