ثم قال في الميزان (١) : وقيل : المفعول الأول ل أرأيت في جميع المواضع الثلاث هو الموصول أو الضمير العائد إليه.
أقول : أي إن الرأي بأن أرأيت الأولى مفعولها : الذي وأ رأيت الثالثة مفعولها الضمير العائد إليه. وكلاهما يراد بهما الإنسان الطالح. والمفعول ل أرأيت الثانية يعود إلى الإنسان الصالح.
هذا يخالف وحدة السياق : إذ يقال : إن أرأيت الثلاثة ذات سياق واحد. فهي متشابهة من حيث الأوصاف ما لم يدل دليل على خلافه. إذن فالمراد من مفاعيلها الثلاثة واحد ، وهو الإنسان الطالح لا الصالح. وتقريبه : إن الأولى والثالثة : تعود إلى الإنسان الطالح. وأما الثانية فنشك بعود الضمير إليه ، فنلحقه به باعتبار وحدة السياق. أو قل : نلحقه بالأعم الأغلب ، فتكون كلها تعود إلى الطالح.
إن قلت : ولكن قوله : (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) : فيها صفات تعود إلى الإنسان الصالح. فكيف يناسب أن يكون الضمير عائدا إلى الذي ينهى عن الصلاة وهو موصوف بالتقوى؟! أجاب الطباطبائي (٢) بما محصله : أن المعنى يكون : أرأيت هذا الذي ينهى عن الصلاة إن كان مهتديا ومتقيا ، فكيف ينبغي أن يتصرف. وهل ينهى المصلين عن صلاتهم؟ فيستقيم المعنى. وتكون وحدة السياق مثبتة لوحدة الضمائر ووحدة العائد.
أقول : هذا مطعون صغرى :
أولا : أن ننكر وحدة السياق للبعد اللفظي.
ثانيا : مع التنزل عن ذلك والقبول بوحدة السياق ، فإنها قرينة ظنية. فإذا كان الدليل على خلافها نأخذ به ، وهو موجود في هذا الصدد. أي إن الضمير في أرأيت الثانية لا يعود إلى الطالح بل إلى الصالح ، وهو
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٢٦.
(٢) المصدر والصفحة.