ففيها أكثر من جواب :
أولا : إن التأنيث ضروري لأجل تأنيث المرجع أو الموصوف. فإن ناصية مؤنثة فتؤنث صفتها. وأما أن يكون معناها مذكرا ، فهذا خارج عن حدود اللفظ. فإن اللفظ يتبع اللفظ والمعنى يتبع المعنى. ولا ربط أكيد بينهما بحسب التوقع.
ثانيا : إن التذكير والتأنيث بالنسبة إلى المؤنث المجازي ، ينبغي أن يكون بالاختيار ، وليس ثمة شيء حقيقي في اللغة. ولو ثنيت لنا الوسادة لجعلناه خنثى ، كما هو الحال في بعض اللغات (١). فاللغة العربية قاصرة من هذه الناحية. ولفظ الناصية مؤنث مجازي سواء أريد به الجبهة ، أو أريد بها الفرد أو أريد بها كلي الإنسان الخاطئ الفاجر. فيكون عود الضمير المؤنث إليه غير دال على كون مرجعه مؤنثا.
ويمكن القول ، كما قلنا في أمثاله : بأن المراد هو الكلي ، والكلي بمنزلة الجمع. والجمع بالارتكاز العربي أقرب إلى التأنيث. فيكون الأرجح فيه ، بهذا الاعتبار وغيره ، أن نعيد الصفة إليه مؤنثة لا مذكرة.
سؤال : فإذا كان الأمر كذلك ، فهل يكون الإنسان كاذبا خاطئا؟
جوابه : لأكثر من وجه :
الوجه الأول : إن الكذب والخطأ إنما هو صفة الكلام والحديث ، وليس صفة للإنسان ككل. وإنما يرجع إليه مجازا. فهو صحيح على وجه المجاز.
الوجه الثاني : إن الإنسان ككل ، قد يوصف بمثل ذلك ، باعتبار استيعاب سلوكه وحديثه للكذب والخطأ ، وكثرة هذه الصفة له ، فيكون كله كاذبا خاطئا. بحيث تصح النسبة إلى أصل وجوده.
__________________
(١) وهي الألمانية على ما قيل : بأن لديهم ثلاثة أنواع من الضمائر. مذكر للمذكر الحقيقي ومؤنث للمؤنث الحقيقي وقسم ثالث لما لا يكون مذكرا ولا مؤنثا وسميناه هنا بالضمير الخنثى. ولا نعلم ما يقابل اصطلاحهم باللغة العربية.