الشكل الأول : إننا إن رجحنا جانب (الرحمن) فيكون المعنى : إن الرحمة الواسعة ثابتة. وهذا صحيح.
الشكل الثاني : إننا إن رجحنا (الرحيم) فتكون الرحمة الخاصة واسعة.
وهي وإن لم تكن واسعة لكل الخلق ، ولكنها واسعة لكل مستحقيها وطالبيها ، ولكل من (سَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ)(١). فإنه تعالى كريم لا بخل في ساحته.
فيتحصل : إن الرحمة الخاصة واسعة. وإن الرحمة الواسعة ثابتة ، وكلا الأمرين يتحصلان بعد التركيب.
سؤال : لما ذا خصت مادة (الرحمة) بالذكر في البسملة.
جوابه : ظهر مما ذكرناه من حيث إن الله سبحانه اختار بعد لفظ الجلالة ، مادة الرحمة التي هي أوسع الأسماء وأكبرها. ويكفينا هنا أن نتذكر أن الخلق كله موجود بالرحمة ، وأن رحمته وسعت كل شيء ، وأن الرحمة هي الأساس في الكثير من الأمور التشريعية والتكوينية. وأن رحمته تقدمت غضبه وأن النبي صلىاللهعليهوآله نبي الرحمة (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(٢). إلى غير ذلك من المزايا.
فالرحمة أوسع الأسماء وأكبرها. وفي مقابلها توجد أسماء من سنخين ، كلاهما لا يناسب وجودها في البسملة :
الأول : أسماء الغضب ، كالمنتقم والقهار. ولا يناسب وجودها في البسملة مع أسماء الرحمة.
الثاني : الأسماء المختصة بموارد معينة ، وليست بواسعة ، مثل الغفار ، فإنه لا يشمل جميع الخلق بل يشمل المذنبين فقط. وقد اختار الله سبحانه ترك أمثال ذلك في البسملة.
__________________
(١) الأسراء / ١٩.
(٢) الأنبياء / ١٠٧.