فهمي : إن دعوت ابني أي سوف أدعوه ، أي سميته لكي أدعوه) ... ودعوته إذا سألته (أي طلبت منه حاجة) وإذا استغثته. قال تعالى : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ). أي سله. وقال : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ... وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً ... وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ... لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً).
والدعاء إلى الشيء الحثّ على قصده : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (أي يحثونني عليه) وقال : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ). (أي يحثّ على الجنة). وقال تعالى : (يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ. تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ).
أقول : الظاهر أن الدعاء والنداء من الألفاظ التي إذا اجتمعت افترقت وإذا افتقرت اجتمعت (١) ... ومنه قوله تعالى : (٢) : (إِلَّا دُعاءً وَنِداءً). وهنا يتحصل سؤال عن الفرق بينهما ولو في صورة الاجتماع.
وجوابه : إن فيه أطروحتين :
الأولى : أطروحة الراغب من أن النداء أعم من الدعاء. لأن النداء يشمل ذكر الاسم وعدمه ، وأما الدعاء فهو يختص بصورة ذكر الاسم.
الثانية : وهي ما يمكن أن يقال : من أن النداء مجرد طلب الاقتراب. وأما الدعاء فهو طلب الاقتراب من أجل هدف معين أو تنفيذ مهمة مقصودة. ومنه الدعاء لقضاء الحاجة أو الإغاثة. ومنه الدعاء إلى العقيدة ، إلى الإيمان أو إلى الكفر. قال تعالى (٣) : (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ).
__________________
(١) يعني إذا اجتمعت في اللفظ افترقت في المعنى وإذا افترقت في اللفظ اجتمعت في المعنى. يعني أمكن عندئذ أن يراد منها معنى واحدا أو مشتركا.
(٢) البقرة / ١٧١.
(٣) غافر / ٤٢.