أولا : إن دعوة النادي ودعوة الملائكة مختلفتان جذريا ـ كما قلنا ـ. وإنما ذكر للتناسق اللفظي فقط. وذلك لأن طريق العمل في كليهما مختلف ، يكفي أن نلتفت إلى أن أحدهما دنيوي والآخر أخروي. وكذلك طريقة التنفيذ.
ثانيا : إنه من قال : إن الملائكة لا يدعون ولا يأتون؟ نعم حصة منهم يلقي الإنسان إليهم. لكن البعض منهم يأتون ، كما في حال الاحتضار وبعد الدفن ، بالنسبة إلى ملائكة المحاسبة وملائكة الثواب وملائكة العقاب. وغيرهم.
ثالثا : قوله : سندع. أي سنأمر. فهم حاضرون دائما ، ولا حاجة إلى الدعوة من بعيد. وإنما المهم توجيه الأمر إليهم بالعقوبة. ويكفي أن يفهموا بالأمر بمجرد إلقائه إليهم. ومن هنا يرد قوله تعالى (١) : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ. ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ). ولو لم يؤمروا بذلك لما فعلوه.
سؤال : من هم الزبانية؟
جوابه : إن ما عليه المشهور من أن الزبانية هم (١٩) وهم الملائكة الشداد الغلاظ ونحو ذلك ... وإنما هو بساطة في التفكير ناشئة من تخيل الانحصار في عدد محدد من الملائكة. إذن ، يستنتج : أن كل تعبير في القرآن يعود إليهم. إلّا أن هذا الانحصار غير محتمل.
لأن أعداد الملائكة كبير جدا ، فلا بأس أن تكون هناك عدة مجموعات ، كل واحدة بعنوان مستقل.
ومن قبيل هذا الوهم ، وهم موجود في الأسماء التي أطلقها القرآن على يوم القيامة كيوم الحسرة ، يوم البعث ، يوم الفصل ، يوم التلاق ، يوم الآزفة ، يوم التناد ، يوم الحساب وغيرها.
__________________
(١) الحاقة / ٣٠ ـ ٣٢.