النَّاسُ). و (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ)(١).
الغرض الثاني : نفع المأمور بالقول أي القائل له. حيث يأمرنا سبحانه أن نقول : الله أحد الله الصمد لنفعنا. ولأجل أن نعرف التوحيد وأن نعرف نسبة الرب ، ونحو ذلك.
الغرض الثالث : عدم مناسبة نسبته إلى الله سبحانه. فالاستعاذة إنما هي للمخاطب دائما. وهي شيء أدنى من أن ينطق بها الله سبحانه عن نفسه. لأنه تعالى منيع لا يتضرر ولا يخاف.
وهذا هو الفرق بين المعوذتين وسورة التوحيد. فإن الله تعالى شهد لنفسه بالتوحيد في قوله (٢) : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ ...) لأن التوحيد يناسب أن ينطقه الخالق والمخلوقات معا. فالله يقول : (اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ). بينما الاستعاذة خاصة بالمخلوق. فلا بد أن تكون لفظة قل ، موجودة.
وعلى أي حال ، فكلا الغرضين الأخيرين متحققان لنا ، في هذا المورد. فلا يمكن حذف قل. بخلاف مثل قوله (٣) : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وقوله (٤) : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، ونحوها من فواتح السور ، فإنه يناسب صدورها من الباري نفسه.
سؤال : قالوا في علم الأصول : إن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب. ومن المعلوم أن (قل) هي من صيغة الأمر. فهل هي ظاهرة بالوجوب أو في مطلق المطلوبية ، أعني الأعم من الوجوب والاستحباب؟
جوابه : إنه يمكن إقامة عدّة أطروحات على أن قل لا تدل على الوجوب.
__________________
(١) الفرقان / ٧٧.
(٢) آل عمران / ١٨.
(٣) الفاتحة / ١.
(٤) الحديد / ١ ، الحشر / ١ ، الصف / ١.