هذا مضافا إلى وجهين آخرين محتملين :
الوجه الأول : إن هذه الأسماء الحسنى ، إنما تكون مؤثرة في الاستعاذة إذا أسندت إلى الظاهر دون الضمير.
الوجه الثاني : إنها لو أسندت إلى الضمير ، اقتضت التعاطف بالواو. بأن يقول : رب الناس وإلههم وملكهم ونحو ذلك. ولا معنى لحذف الواو عندئذ. مع العلم أن الحكمة اقتضت حذفه فلزم ذكر الظاهر من أجل ذلك.
سؤال : لما ذا ذكرت الأسماء الثلاثة ، ولم يكتف بواحد منها؟
جوابه من عدّة جهات. منها :
أولا : ما أشرنا إليه من زيادة الرحمة في البشر المستعيذين من الشر. من حيث إن دفع الشر وإن كان يحدث في واحد من الأسماء إلّا أن دفعه ثلاث مرات أو بثلاثة أسماء أوكد وأشد وأسرع.
ثانيا : زيادة التركيز والأهمية لذات الله سبحانه. فهو إله ورب وملك ، وقد يجمع هذه الصفات كلها لنفسه ، وكان من الحكمة التنبيه على ذلك. قال تعالى (١) : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ).
ثالثا : وهو ما نعرضه كأطروحة لدفع الاستدلال المقابل :
إن هذه الأسماء الحسنى قد تكون مفردة ، كما هو فهم مشهور المفسرين ، وقد تكون مركبة. فإله اسم مفرد. ولكن (إِلهِ النَّاسِ) اسم آخر. وكذلك (مَلِكِ النَّاسِ) و (بِرَبِّ النَّاسِ). إذن يوجد في السورة ثلاثة أسماء مركبة.
وهنا لا بد من ضمّ فكرة أخرى كأطروحة أيضا. وهي :
إن الأثر لا يؤثر ولا يحصل إلّا بضم هذه الأسماء الثلاثة كلها. فلا بد
__________________
(١) الزمر / ٦.