ثم أمر رسول الله بالرحيل ، فرحلوا حتى نزلوا عشاء على ماء بدر ، وهي العدوة الشامية (١).
ومشورة الحُباب :
قال الواقدي : ثمّ قال رسول الله لأصحابه : أشيروا عليّ في المنزل (٢).
فروى ابن اسحاق : أن الحُباب بن المنذر الجموح قال : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدّمه ولا نتأخّر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة (٣).
فقال صلّى الله عليه وآله : بل هو الرأي والحرب والمكيدة.
فقال : یا رسول الله ، فانّ هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء القوم فننزله ، ثمّ نغوّر (= نعوّر) ما وراءه من القُلب (٤) ثمّ نبني عليه حوضاً فنملؤه ماءً ثمّ نقاتل القوم فنشرب ، ولا يشربون (٥) وإني عالم بماء القوم وبقُلُبها ، وبها قليب قد عرفت عذوبة مائه ، وماؤه كثير لا يُنزح.
فروى الواقدي عن ابن عباس قال : نزل جبرئيل على رسول الله فقال له :
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٥٧ ـ ٢٦٠.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ٥٤.
(٣) مقال الحُباب هذا لا يتّسق وقول الرسول : أشيروا عليّ ، فهل يستشير في أمر الله؟! وليست الاستشارة في رواية ابن اسحاق ، فلعلهم زادوا الاستشارة ليخرجوا مقال الحُباب عن صورة الاعتراض.
(٤) القُلُب جمع القليب : البئر ، لأنه قُلب تُرابه ـ مجمع البحرين.
(٥) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ٢٧٢.