قبلي ، فانك أرحم الراحمين».
فقيل : يا رسول الله ، رأيناك صنعت شيئا لم تكن تصنعه بأحد قبلها؟!
فقال : ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة ، واضطجعت في قبرها ليخفّف عنها من ضغطة القبر. إنّها كانت من أحسن خلق الله صنعا بي بعد أبي طالب (١).
وروى الخبر الصفار في «بصائر الدرجات» بسنده عن الصادق عليهالسلام إلى أن قال :
فلمّا خرج قيل له : يا رسول الله ، لقد صنعت بها شيئا في تكفينك إيّاها ثيابك ، ودخولك في قبرها وطول صلاتك وطول مناجاتك ما رأيناك صنعته بأحد قبلها؟!
قال : أما تكفيني إيّاها فإنّي لما قلت لها : يعرض الناس عراة يوم يحشرون من قبورهم! صاحت : وا سوأتاه! فألبستها ثيابي وسألت الله في صلاتي عليها أن لا يبلي أكفانها حتّى تدخل الجنّة. فأجابني إلى ذلك. وأمّا دخولي في قبرها فإنّي قلت لها يوما : إنّ الميّت إذا ادخل وانصرف الناس عنه دخل عليه ملكان : منكر ونكير ، فيسألانه. فقالت : وا غوثاه بالله ، فما زلت أسأل ربّي في قبرها حتّى فتح لها روضة من قبرها إلى الجنّة ، فقبرها روضة من رياض الجنة (٢) ولعلّ في سائر الأخبار اختصارا لهذا ، ومنه يعلم تأريخ نشر هذه الأفكار والمفاهيم الاخروية والبرزخية بين المسلمين الأوائل.
وفاة أبي سلمة :
ومن الحوادث في شهر جمادى الثانية وفاة أبي سلمة (عبد الله) بن
__________________
(١) الفصول المهمّة : ١٣ وعنه في بحار الأنوار.
(٢) بصائر الدرجات : ٧١ وعنه في بحار الأنوار.