وقد حكى الواقدي في مغازيه قصة هجرة أمّ كلثوم بنت عقبة بن ابي معيط المخزومي مع رجل من خزاعة ـ خلال ثمانية ايام ـ ودخولها على أمّ سلمة المخزومية ، وتتضمن ان ذلك كان بعد قصة ابي بصير وابي جندل ، وان النبيّ قال لها : إنّ الله قد نقض العهد في النساء فقد انزل فيهم «الممتحنة» وحكم في ذلك بحكم رضوه كلهم.
وقدم أخواها عمارة والوليد من الغد ، فقال لهما : قد نقض الله ذلك! فانصرفا.
وهذا يؤيد نزول الممتحنة قبل ذلك كما في خبر ابن عباس في سبيعة الأسلمية زوجة مسافر المخزومي ، كما مرّ.
ولكنه يروي بعده عن الزهري عن عروة قال : فرجعا الى مكة فأخبرا قريشا بذلك ، فرضوا بأن تحبس النساء ، فلم يبعثوا في ذلك احدا (١) فهذا بظاهره يدل على أنّ الأمر والخبر كان حادثا غير مسبوق.
رسل الرسول الى الملوك :
نقل ابن اسحاق عن كتاب وجده يزيد بن ابي حبيب المصري فيه : أن رسول الله [بعد الحديبية] خرج على اصحابه [يوما] فقال لهم :
إنّ الله بعثني رحمة ، وكافّة ، فأدوا عني يرحمكم الله ، ولا تختلفوا عليّ كما اختلف الحواريّون على عيسى بن مريم.
قالوا : يا رسول الله ، وكيف كان اختلافهم؟
قال : دعاهم لمثل ما دعوتكم له ، فأما من قرّب به فأحبّ ، وأما من بعّد به فكره وأبى ، فشكا ذلك عيسى منهم الى الله ، فأصبحوا وكل رجل منهم يتكلم
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٦٢٩ ـ ٦٣٢.