وفي سلمان الفارسي :
قال : وكان سلمان الفارسيّ قويّا عارفا بحفر الخندق. وروى بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : جعلوا لسلمان خمسة أذرع طولا وعرضا ، فما مرّ حين حتى فرغ منه وحده وهو يقول : اللهم لا عيش إلّا عيش الآخرة. فتنافس الناس فيه فقال المهاجرون : سلمان منّا! وقالت الأنصار : هو منّا ونحن أحقّ به! فبلغ رسول الله قولهم فقال : «سلمان رجل منّا أهل البيت» (١) ولقد كان يعمل عمل عشرة رجال حتّى أصابه بعينه قيس بن أبي صعصعة فسقط إلى الأرض! فبلغ ذلك رسول الله فقال : مروه فليتوضّأ ـ أو ليغتسل ـ ويكفأ الإناء خلفه. ففعل فكأنّما حلّ من عقال (٢).
وتفأل الرسول بالنصر :
قال القمي : ولمّا كان في اليوم الثاني بكّروا إلى الحفر وقعد رسول الله في «مسجد الفتح» (٣).
فروى الكليني في «روضة الكافي» عن أبان بن عثمان البجلي الكوفي عن الصادق عليهالسلام قال : إنّهم مرّوا بكدية (٤) فتناول رسول الله المعول من يد
__________________
(١) ورواه الطبرسي في مجمع البيان ٨ : ٥٣٣ عن الحافظ البيهقي في دلائل النبوّة. وابن هشام في السيرة ٣ : ٢٣٥.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٤٤٦ و ٤٤٧.
(٣) أي في مكانه الذي بني بعد ذلك مسجدا وسمّي بمسجد الفتح ، لحصول الفتح بدعاء الرسول فيه.
(٤) الكدية : الصخرة الصلبة التي لا تعمل فيها المعاول شيئا ـ مجمع البحرين ١ : ٣٥٦.