وقلن له : يا قزمان قد خرج الرجال وبقيت؟! يا قزمان ألا تستحي مما صنعت؟! ما أنت الا امرأة ، خرج قومك وبقيت في الدار! فدخل بيته وأخرج سيفه وقوسه وجعبته ، وخرج يعدو الى احد حتى انتهى الى الصف الأول فكان فيه ، فكان هو أول من رمى من المسلمين (١).
الملتحقون باحد :
قزمان وإن اختلف عن اولئك المنافقين المتخاذلين عن النبيّ والمسلمين ، حيث تخاذل اولئك والتحق هذا ، لكنه لم يختلف معهم في عاقبة النفاق ، كما سنأتي على خبره.
وإن تخلّف عن رسول الله اولئك فقد التحق به عدد مذكورون ، أولهم حنظلة بن أبي عامر الراهب الفاسق وصهر ابن ابيّ بن سلول المنافق! وقد مرّ أن الرسول سمّى أباه بالفاسق وسيأتي أن النبيّ يصف الولد بغسيل الملائكة!
قال القمي في تفسيره : كان حنظلة بن أبي عامر رجلا من [الأوس](٢) وفي تلك الليلة التي كان في صبيحتها حرب احد تزوّج بنت عبد الله بن ابيّ بن سلول ، واستأذن رسول الله أن يقيم عندها ، فأنزل الله : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٣) فأذن له رسول الله.
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٣ : ٩٣ ومغازي الواقدي ٢٢٣ ، ٢٢٤.
(٢) في المطبوع : الخزرج ، وهو وهم ، فانه كان من الأوس كما مرّ في أبيه ، ولعل مصاهرته لابن ابيّ الخزرجي كان من التقارب المقرّر بين الأوس والخزرج.
(٣) النور : ٦٢ وقال القمي : وهذه الآية في سورة النور ، وأخبار احد في سورة آل عمران ، فهذا دليل على أن التأليف على خلاف ما أنزله الله.