النار بكيته.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : هبلت (هلكت) أجنّة واحدة؟ انها جنان كثيرة! والذي نفسي بيده انه لفي الفردوس الأعلى!.
فقالت : فلا أبكي عليه أبدا.
فدعا رسول الله بماء فغمس يده فيه ومضمض فاه ثم ناول أم حارثة فشربت ثم ناولته ابنتها فشربت ، ثم أمرهما فنضحتا منه في جيوبهما ففعلتا. فرجعتا من عند النبيّ صلىاللهعليهوآله وما بالمدينة امرأتان أقرّ عينا منهما ولا أسرّ (١).
الأسرى في المدينة :
قال : ولما قدموا بالأسرى لم يبق بالمدينة يهودي ولا مشرك ولا منافق الّا ذل ، وقال كعب بن الأشرف اليهودي : بطن الأرض اليوم خير من ظهرها ، هؤلاء أشراف الناس وساداتهم وملوك العرب وأهل الحرم والأمن قد اصيبوا (٢).
__________________
(١) مغازي الواقدي ١ : ٩٣ ، ٩٤.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ١٢١. وروى الواقدي بسنده عن كعب بن مالك ، وجابر بن عبد الله الأنصاري قالا : لما رأى ابن الأشرف الأسرى مقرّنين كبت وذلّ وقال لهم : ويلكم! والله لبطن الأرض خير من ظهرها اليوم! هؤلاء سراة القوم قد قتلوا واسروا ، فما عندكم؟ قالوا : عداوته ما حيينا! قال : وما أنتم وقد وطأ قومه وأصابهم؟! ولكني أخرج الى قريش فأحضّهم وأبكي قتلاهم ، فلعلهم ينتدبون فاخرج معهم.
فخرج حتى قدم مكة ، ووضع رحله عند أبي ودّاعه بن ضبيرة السّهمي (وهو صهر بني أميّة وأوّل أسير افتدي) فجعل يرثي قريشا ـ المغازي ١ : ١٨٥.
وروى ابن اسحاق عن رواته قالوا : خرج حتى قدم مكة .. وجعل ينشد الأشعار يبكي أصحاب القليب من قريش الذين اصيبوا ببدر ، ويحرّض بذلك على رسول الله ـ ٣ : ٥٥.