نبيّا يرى ما لا ترون وذكره |
|
أغار لعمري في البلاد وأنجدا |
له صدقات ما تغبّ ونائل |
|
وليس عطاء اليوم مانعه غدا (١) |
ولذلك قال السهيلي في «الروض الانف» إن صحّ خبر الأعشى فلم يكن هذا بمكّة وإنّما كان بالمدينة ، وفي القصيدة ما يدلّ على هذا قوله : «فإن لها في أهل يثرب موعدا». وقد ألفيت للقالي رواية عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال : لقي الأعشى عامر بن الطفيل في بلاد قيس وهو مقبل إلى رسول الله ، فذكر انّه يحرّم الخمر فرجع. فهذا أولى بالصواب. وهذه غفلة من ابن هشام ومن قال بقوله ، فإنّ الناس مجمعون على أنّ الخمر لم ينزل تحريمها إلّا بالمدينة بعد أن مضت بدر واحد ، وحرّمت في سورة المائدة ، وهي من آخر ما نزل (٢) بل حُرّمت في سورة البقرة وشدّدت اليوم واُكّدت في المائدة ، وسيأتي الحديث عنها هناك.
غزوة ذات الرقاع :
قال الطبرسي في «إعلام الورى» : ثمّ كانت غزوة ذات الرقاع (٣) بعد غزوة بني النضير بشهرين. لقي بها جمعا من غطفان ، ولم يكن بينهما حرب ، ولكن خاف الناس فصلّى بهم رسول الله صلاة الخوف ، ثمّ انصرف بالناس (٤).
وقال في تفسيره «مجمع البيان» في تفسير الآية من سورة النساء :
(وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً* وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ
__________________
(١) ابن هشام ٢ : ٢٥ ـ ٢٨.
(٢) الروض الاُنف ٢ : ١٣٦.
(٣) قيل : إنّما سمّيت ذات الرقاع لأنّه جبل فيه بُقع حمر وسود وبيضاء إعلام الورى ١ : ١٨٩ والواقدي ١ : ٣٩٥.
(٤) إعلام الورى ١ : ١٨٩ وهي عبارة ابن إسحاق في السيرة ٣ : ٢١٤.