خطبة الرسول :
قال الواقدي : وجعل رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلم ـ يمشي على رجليه يسوّي تلك الصفوف ، و «يبوّئ المؤمنين مقاعد للقتال» يقول : تقدم يا فلان ، وتأخّر يا فلان ، حتى إنه ليرى منكب الرجل خارجا فيؤخّره ..
ثم قام رسول الله فخطب الناس فقال :
يا أيها الناس ، اوصيكم بما أوصاني الله في كتابه من العمل بطاعته والتناهي عن محارمه. ثم انكم اليوم بمنزل أجر وذخر لمن ذكر الذي عليه ثم وطّن نفسه على الصبر واليقين ، والجدّ والنشاط ، فان جهاد العدوّ شديد كربه ، قليل من يصبر عليه الا من عزم الله رشده ، فان الله مع من أطاعه وان الشيطان مع من عصاه. فاستفتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد ، والتمسوا بذلك ما وعدكم الله ، وعليكم بالذي أمركم به ، فاني حريص على رشدكم ، فان الاختلاف والتنازع والتثبيط من أمر العجز والضعف مما لا يحبّه الله ولا يعطي عليه النصر ولا الظفر.
يا أيها الناس قذف في صدري : أنّ من كان على حرام فرّق الله بينه وبينه ، ومن رغب عنه غفر الله ذنبه .. وإنه نفث في روعي الروح الأمين : أنه لن تموت
__________________
ـ لوائهم ، فالزموا لواءكم وحافظوا عليه ، أو خلّوا بيننا وبينه فانا قوم موتورون مستميتون نطلب ثأرا حديث العهد ، واذا زالت الألوية فما قوام الناس وبقاؤهم بعدها؟!
فغضب بنو عبد الدار وقالوا : نحن نسلّم لواءنا؟! لا كان هذا أبدا! فأما المحافظة عليه فسترى! وأغلظوا لأبي سفيان بعض الإغلاظ ، وأحدقوا باللواء واسندوا إليه الرماح. فقال أبو سفيان ، فنجعل لواء آخر؟ قالوا : ولا يحمله الا رجل من بني عبد الدار ، لا كان غير ذلك أبدا ـ ١ : ٢٢١.