أمروك لأطعتهم ، ولو رأيت فعالك مع فعالهم لاحتقرته ، وبئس القوم كانوا لنبيّهم!
فقال سلمة : أعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، انك يا رسول الله لم تزل عني معرضا منذ كنّا بالروحاء في بدأتنا؟!
فقال رسول الله : أما ما قلت للأعرابي : وقعت على ناقتك فهي حبلى منك! ففحشت وقلت ما لا علم لك به! وأما ما قلت في القوم ، فانك عمدت الى نعمة من نعم الله تزهدها! فاعتذر الى النبيّ ، فقبل منه رسول الله معذرته (١).
البكاء على الشهداء :
وعقد اسر الشهداء مناحة على شهدائهم منهم آل العفراء على ولديهم معوّذ وعوف ابني العفراء ، وشاركتهم سودة بنت زمعة زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان ذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب (٢).
وروى الواقدي بسنده عن داود بن الحصين عن رجال من بني عبد الأشهل قالوا : لما بلغ مقتل حارثة بن سراقة الى امّه بالمدينة ، وكان مقتله على حوض بدر إذ أتاه سهم غرب (٣) فوقع في نحره فقتل ، قالت أمه : فو الله لا أبكيه حتى يقدم رسول الله فأسأله ، فان كان ابني في الجنة لم أبك عليه ، وان كان ابني في النار بكيته!
فلما قدم رسول الله من بدر جاءت أم حارثة الى رسول الله فقالت :
يا رسول الله ، قد عرفت موضع حارثة من قلبي فأردت أن أبكي عليه فقلت : لا أفعل حتى أسأل رسول الله فان كان في الجنة لم أبك عليه ، وان كان في
__________________
(١) مغازي الواقدي ١ : ١١٦.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ١١٤ ـ ١١٨ والخبر الأخير في سيرة ابن هشام أيضا ٢ : ٢٩٩.
(٣) غرب : لا يعرف راميه.