فلمّا رأى هؤلاء النفر إباء قومهم نزلوا في تلك الليلة فأسلم هؤلاء الثلاثة وأمّا عمرو بن سعدى ففرّ على وجهه فلم يدر أين ذهب (١).
نزولهم على الحكم :
قال القمي في تفسيره : وبقوا أيّاما ، حتّى جزعوا جزعا شديدا وبكت النساء والصبيان ... فلمّا اشتدّ عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأمر بالرجال فكتّفوا وكانوا سبعمائة ، وأمر بالنساء فعزلن (٢).
وقام الأوس إلى رسول الله فقالوا : يا رسول الله حلفاؤنا وموالينا من دون الناس ، نصرونا على الخزرج في المواطن كلّها ، وقد وهبت لعبد الله بن ابيّ سبعمائة دارع وثلاثمائة حاسر في صحيفة واحدة ، ولسنا نحن بأقلّ من عبد الله بن ابيّ!
فلمّا أكثروا على رسول الله قال لهم : أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟!
فقالوا : بلى ، فمن هو؟ قال : سعد بن معاذ. قالوا : قد رضينا بحكمه.
فأتوا به في محفّة ، واجتمعت الأوس حوله يقولون له :
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٥٠٣ و ٥٠٤. واختصر خبرهما ابن إسحاق في السيرة ٣ : ٢٤٩.
(٢) وقال الواقدي : أمر رسول الله بأسرهم وجعل على كتافهم محمد بن مسلمة ، فكتّفوا رباطا ونحّوا ناحية. وأخرجوا النساء والذريّة من الحصون فكانوا ناحية. واستعمل رسول الله عليهم عبد الله بن سلام. وأمر رسول الله بجمع أمتعتهم وما وجد في حصونهم من الحلقة (السلاح) والأثاث والثياب.
فروى أنّهم وجدوا فيها ألفي رمح ، وألفا وخمسمائة سيف ، والفا وخمسمائة ترس وجحفة (من جلود) وثلاثمائة درع. وأخرجوا أثاثا كثيرا وآنية كثيرة ، وجرارا من خمر وسكر ، فأراقوها ولم يخمّسوها (وخمّسوا ما عداها) وجمالا وماشية ـ مغازي الواقدي ٢ : ٥٠٩ و ٥١٠.