الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً* وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً)(١).
توهين للمشركين واختبار للمسلمين :
قال القاضي النعمان المصري : ولمّا صار المسلمون إلى حيث وصفهم الله ـ عزوجل ـ في كتابه بقوله : (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا* هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً* وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)(٢) ولما رآه النبيّ من جزع المسلمين وفساد المنافقين وما تخوّفه من أن يكون المكروه ... أرسل إلى عيينة بن حصن فبذل له ثلث ثمرة المدينة في ذلك العام على أن يرجع عنه بغطفان ... ولم ينعقد بين رسول الله وبين عيينة بن حصن في ذلك عقد (٣).
وقال المفيد في «الإرشاد» : بعث إلى عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف المرّي ، وهما قائدا غطفان ، يدعوهم إلى صلحه والكفّ عنه والرجوع بقومهما عن حربه ، على أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة.
واستشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فيما بعث به إلى عيينة والحارث.
فقالا : يا رسول الله : إن كان هذا الأمر لا بدّ لنا من العمل به لأنّ الله أمرك فيه بما صنعت والوحي جاءك ، فافعل ما بدا لك ، وإن كنت تختار أن تصنعه لنا كان
__________________
(١) الأحزاب : ١٠ ـ ٢٥.
(٢) الأحزاب : ١٠ ـ ١٢.
(٣) شرح الأخبار ١ : ٢٩٣.