استقام على المحجّة من طريق مكّة فأسرع السير حتّى نزل منازل بني لحيان في غران واد بين أمج وعسفان إلى بلد يقال له ساية ، فوجدهم قد نذروا به فحذروا وتمنّعوا منه برءوس الجبال (١). فأقام يوما أو يومين وبعث السرايا في كلّ ناحية فلم يقدروا على أحد منهم (٢) فقال ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ : لو أنّا هبطنا عسفان لرأى أهل مكّة أنّا قد جئنا مكّة. فخرج في أصحابه حتّى نزل عسفان (٣). ثمّ بعث فارسين من أصحابه حتّى بلغا كراع الغميم (٤) ثمّ كرّا ، ورجع رسول الله إلى المدينة وهو يقول : آئبون تائبون ، لربّنا حامدون. أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد (٥).
وغاب رسول الله عن المدينة أربع عشرة ليلة (٦).
سريّة الغمر (٧) :
روى الواقدي بسنده قال : بعث رسول الله عكاشة بن محصن الاسدي في أربعين رجلا (إلى بني أسد في الغمر) واخبروا به فهربوا من مائهم ، فانتهى إليهم فلم
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٣ : ٢٩٢.
(٢) المغازي ٢ : ٥٣٦.
(٣) وفي المنتقى : في مرجعه من بني لحيان جاز على قبر امّه فزاره ـ البحار ٢٠ : ٢٩٨ في قرية الأبواء.
(٤) واد بعد عسفان إلى مكّة بثمانية أميال.
(٥) ابن هشام ٢ : ٢٩٣.
(٦) المغازي ٢ : ٥٣٧.
(٧) ماء لبني أسد على ليلتين من فيد. في طريق العراق ـ التنبيه والإشراف : ٢١٩. وأشار الحلبي إلى السريّة باسم الغمرة. المناقب ١ : ٢٠١.