فقلت لرسول الله : ألم أخبرك يا رسول الله أنهم قوم أهل غدر وكذب وفجور! (١).
ثم روى حديثا عن شهادة صفية بنت حييّ بن أخطب من بني النضير ـ وهي التي تزوّجها الرسول فيما بعد ـ تشهد بمعرفة أبيها وعمها بالنبيّ وعداوتهم له ، قالت : كنت أحبّ ولد أبي إليه وكذلك الى عمّي أبي ياسر ... فلما قدم رسول الله المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف ، غدا عليه أبي حييّ بن أخطب وعمّي أبو ياسر مغلّسين ، فلم يرجعا الّا مع غروب الشمس ، اذ أتيا كالّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا ، فو الله ما التفت إليّ واحد منهما مع ما بهما من الغمّ ، وسمعت عمّي أبا ياسر وهو يقول لأبي حييّ بن أخطب : أهو هو؟ قال : نعم والله ، قال : أتعرفه وتثبته؟ قال : نعم. قال : فما في نفسك منه؟ قال : عداوته ما بقيت والله (٢).
بناء مسجد قباء :
ولا خلاف في أخبار السيرة عامة أنه صلىاللهعليهوآله مكث في قباء حتى جاء أبو الأوصياء علي عليهالسلام (٣) ، وذكر الديار بكري والسمهودي أنه أمر عليا عليهالسلام فخطّ لمسجد قباء ، فلنذكر خبره :
قالوا : كان موضع مسجد قباء لامرأة يقال لها : ليّة ، كانت تربط حمارا فيه (٤).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ : ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٢) سيرة ابن هشام ٢ : ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٣) ذكر عبدالرحمان الخويلدي في كتابه : المساجد والأماكن الأثرية المجهولة مسجداً يقع جنوب مسجد قباء بكيلومتر واحد فيما يعرف اليوم بالعين الزرقاء خلف خزّانات مصلحة المياه والصرف الصحّي ، كان يعرف باسم مسجد المصبّح ، وحوّرته مديرية الأوقاف إلى مسجد الصبح برقم ٧٩. وقيل في وجه اسمه أنّه المكان الذي بات فيه النبي صلّى الله عليه وآله حتّى صلّى فيه الصبح بانتظار وصول علي عليه السلام إلى المدينة من مكّة للهجرة ـ كما في مجلّة ميقات الحجّ ٨ : ٢٤٧ ـ ٢٤٩.
(٤) تاريخ المدينة لابن شبّة ١ : ٥٤ ولذلك كره المنافقون الصلاة فيه.