قالوا : ما هنّ؟ قال : نبايع هذا الرجل ونصدّقه ، فو الله لقد تبيّن لكم أنّه نبيّ مرسل ، وأنّه الذي تجدونه في كتابكم ؛ فتأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم.
فقالوا : لا نفارق حكم التوراة أبدا ، ولا نستبدل به غيره!
قال : فإذا أبيتم عليّ هذه فهلمّوا فلنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثمّ نخرج إلى محمّد رجالا مصلتين بالسيوف ولم نترك وراءنا ثقلا يهمّنا ، حتّى يحكم الله بيننا وبين محمّد ، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا يهمّنا ، وإن نظهر لنجدنّ النساء والأبناء!
فقالوا : نقتل هؤلاء المساكين؟! فما خير في العيش بعدهم!
قال : فإذا أبيتم عليّ هذه فإنّ الليلة ليلة السبت ، وعسى أن يكون محمّد وأصحابه قد أمنوا فيها ، فانزلوا فلعلّنا نصيب منهم غرّة!
فقالوا : نفسد سبتنا ونحدث فيها ما أحدث من كان قبلنا فأصابهم ما قد علمت من المسخ؟!
فقال لهم : ما بات رجل منكم منذ ولدته امّه ليلة واحدة من الدهر حازما! (١).
مشورة أبي لبابة وخيانته :
نقل الطبرسي في «مجمع البيان» عن الكلبي عن الزهري : أنّ رسول الله لمّا أبى إلّا أن ينزلوا على حكمه ... قالوا : أرسل إلينا أبا لبابة. وكان ماله وعياله
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٥٥٢. ونقله ابن إسحاق بلفظه بلا إسناد ٣ : ٢٤٦. ونقله الواقدي عن محمّد بن مسلمة أكثر تفصيلا ٢ : ٥٠١ و ٥٠٢.