وولده عندهم فكان مناصحا لهم (١).
ونقل القمي الخبر في تفسيره فقال : فقال رسول الله : يا أبا لبابة ، ائت حلفاءك ومواليك. فأتاهم ، فقالوا له : يا أبا لبابة ، ما ترى؟ ننزل على حكم محمّد؟ فقال : انزلوا واعلموا أنّ حكمه فيكم الذبح ـ بالإشارة إلى حلقه ـ! ثمّ ندم على ذلك فقال : خنت الله ورسوله! ونزل من حصنهم ولم يرجع إلى رسول الله ، ومرّ إلى المسجد وشدّ في عنقه حبلا ثمّ شدّه إلى الأسطوانة التي تسمّى «اسطوانة التوبة» وقال : لا أحلّه حتّى أموت أو يتوب الله عليّ!
فبلغ ذلك رسول الله فقال : أما لو أتانا لاستغفرنا الله له ، فأمّا إذا قصد إلى ربّه فالله أولى به (٢).
__________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٨٢٣.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٠٣. وروى الواقدي في المغازي ٢ : ٥٠٦ بسنده عن السائب ابن أبي لبابة عن أبيه قال : لمّا أرسل بنو قريظة إلى رسول الله يسألونه أن يرسلني إليهم ، دعاني رسول الله فقال : اذهب إلى حلفائك ، فإنّهم أرسلوا إليك من بين الأوس.
قال : فدخلت عليهم فأسرعوا إلي وقالوا :
يا أبا لبابة ، نحن مواليك دون الناس كلّهم.
وقام كعب بن أسد فقال : أبا بشير ، قد علمت ما صنعنا في أمرك وأمر قومك يوم الحدائق وبعاث وكلّ حرب كنتم فيها ، وقد اشتدّ علينا الحصار وهلكنا ، ومحمّد يأبى أن يفارق حصننا حتى ننزل على حكمه ، ولو زال عنّا لحقنا بأرض الشام أو خيبر ولم نكثر عليه جمعا أبدا ... ثمّ قال كعب : فما ترى؟ فإنّا قد اخترناك على غيرك؟ إنّ محمّدا قد أبى إلّا أن ننزل على حكمه ، أفننزل؟
قال أبو لبابة : فقلت نعم فانزلوا. وأومأت إلى حلقي أنّه الذبح.
ثمّ نزلت والناس ينتظرون رجوعي إليهم ... وندمت واسترجعت وبكيت وأخذت من وراء الحصن طريقا آخر حتّى جئت إلى المسجد فارتبطت إلى الأسطوانة المخلّقة (المخلّقة :