وفي ليلة نزول بني قريظة على حكم رسول الله قام فيهم رجل يدعى عمرو بن سعدى ، فروى الواقدي أنّه قال لهم :
يا معشر اليهود ، إنّكم قد حالفتم محمّدا على ما حالفتموه عليه : أن لا تنصروا عليه أحدا من عدوّه ، وأن تنصروه على من دهمه ، فنقضتم ذلك العهد الذي كان بينكم وبينه ، فلم أدخل فيه ولم اشرككم في غدركم. فإن أبيتم أن تدخلوا معه فاثبتوا على اليهوديّة واعطوا الجزية (١) وو الله ما أدري يقبلها أم لا؟
فقالوا له : نحن لا نقرّ للعرب بخرج في رقابنا يأخذوننا به ، القتل خير من ذلك!
فقال لهم : فإنّي بريء منكم.
وقام منهم أسد بن عبيد ـ ومعه ابنا أخيه اسيد وثعلبة ابنا سعية ـ فقال لهم :
يا معشر بني قريظة ، والله إنّكم لتعلمون أنّه رسول الله وأنّ صفته عندنا ، حدّثنا بها علماؤنا وعلماء بني النضير. هذا أوّلهم ـ وأشار إلى حييّ بن أخطب وكان قد دخل حصن بني قريظة بعد رجوع قريش ـ مع جبير بن الهيّبان أصدق الناس عندنا ، فهو قد خبّرنا بصفته عند موته!
فقالوا له : لا نفارق التوراة.
__________________
ـ المطلاة بالخلوق : نوع من العطر العربيّ قديما).
وبلغ رسول الله ذهابي وما صنعت فقال : دعوه حتّى يحدث الله فيه ما يشاء ، لو كان جاءني استغفرت له ، فأمّا إذ لم يأتني وذهب فدعوه! (مغازي الواقدي ٢ : ٥٠٦ و ٥٠٧).
(١) هذا أوّل ذكر للجزية في صدر الإسلام من دون سبق قرآن أو سنّة فيها. وأصلها باليونانية : گزيت بمعنى الضريبة على الرءوس.