من الانصار قالوا : يا رسول الله ، عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل!
ومشى رسول الله بالناس يومهم ذلك حتى امسى ، وليلتهم حتى اصبح ، وصدر يومهم ذلك حتى أذنت الشمس بالزوال فنزل بالناس ، فلما وجد الناس الارض وقعوا نياما ، وانما فعل ذلك رسول الله ليشغل الناس عن حديث ابن ابي.
واتى عبد الله بن عبد الله بن ابيّ فقال : يا رسول الله ، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن ابيّ فيما بلغك عنه ، فان كنت لا بدّ فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه! فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرّ بوالده منّي ، واني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله ، فلا تدعني نفسي أن انظر الى قاتل عبد الله بن ابي يمشي في الناس فاقتله فاقتل مؤمنا بكافر فادخل النار!
فقال رسول الله : بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقى معنا.
ثم راح رسول الله بالناس حتى نزل على ماء يقال له بقعاء ... فهبّت ريح شديدة آذتهم ، فقال رسول الله : لا تخافوها ، فانما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار! فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد من عظماء يهود بني قينقاع ، وكان كهفا للمنافقين ، قد مات في ذلك اليوم.
ونزلت سورة المنافقون ... فأخذ رسول الله باذن زيد وقال : هذا الذي أوفى الله باذنه (١).
ونقل الطبرسي في «مجمع البيان» مثله وزاد : لما هاجت الريح الشديدة قال مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة. قيل : من هو؟ قال : رفاعة. وضلت ناقة رسول الله ليلا ...
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٣ : ٣٠٣ ـ ٣٠٥ ونحوه في مجمع البيان ٩ : ٤٤٢ ، ٤٤٣. ونقل مفصّل الاخبار الواقدي في المغازي ٢ : ٤١٥ ـ ٤٢٥.