ما ذكره من التخيير فيما حضرني من النصوص ، نعم في خبر محمد بن عرفة (١) عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : « قيل لأبي عبد الله عليهالسلام : كيف أدعو لليهودي والنصراني؟ قال : تقول : بارك الله لك في دنياك » وهو ليس في رد السلام ، على أن ما ذكر فيه من قوله : « وعليك » بإثبات الواو لم أجده إلا في خبر غياث ، والموجود في غيره بدونها ، والمعنى حينئذ متجه على تقدير قولهم ما في حسن زرارة (٢) المتقدم ، لأن الحاصل حينئذ السام أي الموت والهلاك عليكم ، أما مع الواو فيشكل بأن مقتضاه المشاركة والتقرير على ما قالوا ، فيكون المعنى علينا وعليكم ، اللهم إلا أن تحمل على الاستئناف لا العطف ، أو يقال : إنها له ، ونمنع الاقتضاء المزبور بل أقصاها العطف على كلام ونحن نجاب في دعائنا وهم لا يجابون في دعائهم ، أو يحمل خبر غياث بقرينة أنه عامي بتري على الموافق لرواياتهم ، وقد قيل : إن الأصح والأكثر فيها إثبات الواو بخلاف نصوصنا.
وكيف كان فظاهر الأمر في النصوص السابقة وجوب الرد بذلك كما نقل عن ابن عباس والشعبي وقتادة من العامة مستدلين عليه بالآية قائلين : أن الأحسن فيها للمسلمين وردها لأهل الكتاب ، وفيه أنه لا شاهد على ذلك ، بل ظاهر الآية اتحاد الموضوع فيها ، وحينئذ تختص بالمسلمين للإجماع كما قيل على عدم جواز الجواب بالأحسن لغيرهم ، فتحمل النصوص المزبورة حينئذ على الرخصة ، أو يقال : إن ذلك ليس ردا حقيقة بل هو شيء موهم للرد شرع لتأليف القلوب ، كما أنه يجب حمل ما في خبر زرارة (٣) عن الصادق عليهالسلام « تقول في الرد على اليهودي والنصراني سلام »
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب أحكام العشرة ـ الحديث ٢ من كتاب الحج.
(٢) و (٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب أحكام العشرة ـ الحديث ٤ ـ ٢ من كتاب الحج.