يتلبس الامام ولم يبق من الوقت غير قدر ركعة ويصلي الثانية في غير الوقت فإنه لا يدرك المأموم الجمعة ما لم يلحقه في الأولى ولو في قوس الركوع ، وهو جيد ، إذ احتمال الإدراك فيه أيضا عملا بعموم « من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الجمعة » مناف لدليل التوقيت ، ودعوى أن التعارض بينهما من وجه ينفيها ظهور سوق الخبر المزبور لبيان الإدراك من حيث الجماعة ، فلا ينافي ما دل على البطلان حينئذ من فقدان شرط آخر ، بل قد يشكل بذلك أيضا الصحة فيما فرضه أخيرا ، بناء على ما تقدم سابقا من اشتراط سعة الوقت لتمام الفعل ، واختصاص من أدرك ركعة من الوقت بغير الجمعة ، وأن ما ورد فيها بالخصوص من حيث إدراك الجماعة بالركوع خاصة لا الوقت المتوقف على إدراك الركعة تامة برفع الرأس من السجدة الأخيرة ، ودعوى أن ما ذكروه من اعتبار سعة الوقت سابقا خاص في غير المأموم بقرينة اعتبار سعته للخطبتين التي من المعلوم عدمها في المأموم ، فتصح صلاته جمعة بإدراك الركعة الأولى قطعا وإن تقدمت الخطبتان وضاق الوقت إلا عن الركعتين يدفعها أن العبرة بما يقتضيه الدليل ، وإن كان ما ذكروه سابقا خاصا في غير المأموم الذي لا يلزم من عدم اعتبار إدراكه الخطبتين عدم اعتبار سعة الوقت لتمام الركعتين بالنسبة إليه ، كما هو واضح ، بل هو كالإمام الذي لم يدرك الخطبتين بناء على عدم اشتراط الخطيب والامام ، فيعتبر فيه سعة الوقت لتمام الركعتين كما عرفت وإن وقع الخطبتان قبله.
وعلى كل حال فيجوز استخلاف المسبوق وإن لم يحضر الخطبة ، للأصل وإطلاق الأخبار في الجماعة ، وعن ظاهر الذكرى الاتفاق عليه ، كما أنه لا يجوز له الانفراد اختيارا قبل فراغ الامام لاشتراط الجماعة ، وإن استشكله في المحكي عن نهاية الأحكام ، نعم ما حكي عنها أيضا من الجواز لعذر لا يخلو من وجه ، لما ستسمعه في انفراد المزاحم في سجود الأولى.