بأنه لا نص فيه لأصحابنا ، لكن قال : إن الذي يقتضيه مذهبهم عدم بطلان الجمعة سواء انفض بعضهم أو جميعهم حتى لا يبقى إلا الإمام ، نعم يمكن دعوى ظهور نصوص العدد ولو بمعونة هذه الشهرة العظيمة في اعتبار ذلك في عقد الجمعة ، بل لا ينكر قابليتها لإرادة ذلك ، فتحمل حينئذ عليه ، ويبقى استصحاب حكم الجمعة للمتلبس بحاله ، مؤيدا بالنهي (١) عن إبطال العمل.
لكن ظاهر الأصحاب في المقام بل صريح الشيخ وجماعة ذلك وإن بقي الإمام وحده ، بل صرح آخرون به فيما لو بقي مأموم وحده ، وقد يشكل بأن عدم اعتبار العدد في الاستدامة لا يقضي بعدم اعتبار الجماعة فيها أيضا ، فالمتجه وجوب اعتبارها مع الإمكان ولو باستخلاف إمام جديد منهم إذا كان المنفض الامام ، والبطلان مع عدمه ، إلا بناء على أن فوات الجماعة اضطرارا غير قادح ، وأن المسبوق ونحوه مما هو مستفاد من الأدلة لا خصوصية له ، وفيه بحث ، وحينئذ يمكن حمل المتن وما شابهه على إرادة بقاء واحد مع الامام لتحصيل مسمى الجماعة كما احتمله المحقق الثاني في فوائده على الكتاب وإن استضعفه بل يمكن أن يكون هو مقتضى التدبر في عبارة البيان ، لأنه قال فيه : « وبعد التلبس بالصلاة يجب الإتمام ولو كان واحدا ـ ثم قال في شرط الجماعة ـ : ولو عرض للإمام مخرج من الصلاة قدموا من يتم بهم ، فان لم يكن فيهم صالح للإمامة فالأقرب السقوط ، وفي الخلاف لا ، وقضية المذهب الإتمام » وظاهره بقرينة نقل ما في الخلاف إرادة سقوط الجمعة ، وما يقال ـ من أنه لا منافاة لعدم دلالة وجوب الإتمام مع الواحد على عدم اعتبار الصلاحية للإمامة مع التعدد ـ غريب الحكم إلا أن يشترط الصلاحية في الواحد أيضا ، وهو أغرب ، فلا ريب أن المتجه فيها ما ذكرنا ، ولعل كلمات الأصحاب في المقام مساقة لعدم اعتبار استمرار العدد ، وهو مسألة أخرى غير الجماعة ، فتأمل جيدا ، إلا أنه يسهل
__________________
(١) سورة محمد (ص) ـ الآية ٣٥.