الشهيد في المحكي عن غاية المراد بأن « حتى » للغاية ، ولا معنى للغاية هنا ، ولو قيل بأن « حتى » تعليلية مثل أسلمت حتى أدخل الجنة كان وجها ، وبأن الحكم على الجمعة بالصلاة تأكيد وعلى الخطبتين تأسيس ، والحمل عليه أولى ، وبأن صدر الحديث ظاهر في الحكم على الخطبتين لأنه تعليل لقصر الجمعة على الركعتين مع أنها بدل.
وفي كشف اللثام « قد توجه الغاية بكون المعنى فهي صلاة حتى ينزل ، ثم هي صلاة حتى يسلم ، أي صلاة الجمعة صلاة الظهر انقسمت قسمين ، فأحدهما الخطبتان والآخر الركعتان ، فإنما يدل على نزول الخطبتين منزلة الركعتين ، وهو لا يقتضي اشتراطهما بما يشترطان به ، وحينئذ يكون الأول تأسيسا أيضا ، ولا يخالف الظاهر » قلت : لكن لا ينطبق على ما ذكره المختلف من فائدة التقييد ، ضرورة ظهوره في كون القيد للجمعة على معنى أن فريضة الجمعة إلى نزول الامام تكون صلاة وقبله خطبتين ، إلا أن هذا لما كان من قبيل بيان الواضحات ذكر الفائدة المزبورة للتقييد المذكور التي مرجعها إلى قول الصادق عليهالسلام في خبر أبي العباس (١) : « لا جمعة إلا بخطبة ، وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين » وبه يندفع التأكيد ومخالفتة الظاهر ، ومن الغريب قوله : « ولو قيل » إلى آخره ، ضرورة عدم انطباق ما نحن فيه على ما ذكره من المثال.
وكيف كان فلا ريب في ضعف الظن بإرادة المساواة في الأحكام ، ويؤيده عدم تعرضهم لباقي ما يعتبر في الصلاة من الأحكام الكثيرة فيها ، بل في المعتبر ـ بعد منع البدلية واحتمال أن التخفيف لمكان التطويل ـ قال : « ثم من المعلوم أنه ليس حكمهما حكم الركعتين بدلالة سقوط اعتبار القبلة ، وعدم اشتراط طهارة الثوب ، وعدم البطلان بكلام المتخاطب في أثنائها ، وعدم افتقار إلى التسليم » وظاهره أن ذلك كله من المسلمات ، لكن في كشف اللثام « أن ما جعلها من المسلمات لا نعرفها كذلك إلا الأول
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة ـ الحديث ٩.