الثانية أظهر اندراجا في معاقد الإجماعات ، بل والنصوص الصادرة في الزمن المساوي لها ، لكن في المحكي عن الموجز ولا تتعدد جمعة في دون الفرسخ إلا بندبها حال الغيبة ، وهو غريب ، وكأنه توهمه من عبارة الدروس في صلاة العيد ، قال : « ويشترط فيها الاتحاد كالجمعة إذا كانتا واجبتين ، فتنعقد في الفرسخ الواجبة مع المندوبة والمندوبتان فصاعدا » ومن المعلوم أن مرجع الضمير فيها العيدان لا الجمعة والعيد ، وفي كشف اللثام « لعل المراد من عبارة الموجز أن العامة إذا صلوها وأراد المؤمنون إقامتها عندهم زمن الغيبة جازت لهم وإن لم يبعدوا عن جمعتهم فرسخا لبطلانها ، لا أنه يجوز للمؤمنين إقامة جمعتين في فرسخ أو أقل ، إذ لم يقل بذلك أحد ، ولا دل عليه دليل ».
ثم إن الظاهر من النص والفتوى اعتبار ذلك بين تمام الجماعتين ، بل هو كصريح الأول منهما ، بل منه يعلم أن المراد بالجمعة الجماعة ، بل هو المنساق منه نفسه من غير فرق بين المسجد وغيره ، إذ دعوى انصراف محل الجمعة من المسجد أو الموضع المعد لها من لفظ الجمعة واضحة المنع ، خصوصا بعد التعبير بالجماعة ، وخصوصا إذا كان المصلي في المسجد مقدار العدد المعتبر مع فرض طول مسافته ، فما في جامع المقاصد « يعتبر الفرسخ من المسجد إن صليت فيه ، وإلا فمن نهاية المصلي » لا يخلو من نظر ، ثم قال : « فلو خرج بعض المصلين عن المسجد أو كان بعضهم في الصحراء بحيث لا يبلغ بعده عن موضع الآخر النصاب دون من سواه ولا يتم به العدد فيحتمل صحة جمعة إمامه ، لانعقادها بشرائطها من العدد والوحدة بالإضافة إلى ما هو معتبر في صحتها ، ويجيء في جمعته مع الجمعة الأخرى اعتبار السبق وعدمه ، ويحتمل اعتبار ذلك في الجمعتين ، لانتفاء البعد المعتبر بينهما ، ولا أعرف في ذلك تصريحا للأصحاب ، وللنظر فيه مجال » قلت :
لعل المتجه على كلامه صحة الجمعتين ، ضرورة فرض تحقق المسافة بين المسجد وبين الجمعة الأخرى.