علم مصلي اللاحقة أن جمعة سبقتها أو تعقد هناك وعدمه ، ولا بين تعذر الاجتماع والتباعد عليهما أو على أحدهما علم به الآخرون أولا وعدمه ، كما اعترف به في كشف اللثام إلا أنه قال : « وقد يحتمل البطلان إذا علموا بأن جمعة تعقد هناك إما لاحقة أو غيرها مع جهل مصليها بالحال أو تعذر الاجتماع والتباعد عليهم مع إمكان إعلام الأولين لهم أو الاجتماع إليهم أو تباعدهم بناء على وجوب أحد الأمور عليهم والنهي عن صلاتهم كما صلوها وقد يمنعان للأصل ، أو على وجوب عقد صلاة عليهم يخرجون بها عن العهدة ، ولما علموا أن هناك جمعة تنعقد هناك مع احتمال سبقها فهم شاكون في صحة صلاتهم واستجماعها الشرائط عند عقدها ، فلا يصح منهم نيتها والتقرب مع التمكن من الاجتماع أو التباعد ، واحتملت صحة اللاحقة إذا لم يعلموا عند العقد أن جمعة أخرى تعقد هناك أو لم يتمكنوا من الاجتماع أو التباعد واستعلام الحال ، لامتناع تكليف الغافل والمعذور بما غفل عنه أو تعذر عليه ، ووجوب الجمعة ما لم يعلموا المانع ».قلت : قد عرفت ما يظهر منه ضعف الاحتمال الأخير ، وأن الحكم الوضعي الذي هو البطلان غير مقيد بشيء من ذلك على تقديري النفي والنهي ، وأما الاحتمال الأول فأصله لثاني الشهيدين في المحكي عن روضه ومقاصده ، فإنه اعتبر في صحة السابقة عدم علم كل من الفريقين بصلاة الأخرى ، وإلا لم تصح صلاة كل منهم ، للنهي عن الانفراد بالصلاة عن الأخرى المقتضي للفساد ، وقد سبقه اليه المحقق الثاني لكن بطريق السؤال قال : فان قيل : كيف يحكم بصحة صلاة السابقة مع أن كل واحد من الفريقين منهي عن الانفراد بالصلاة عن الفريق الآخر ، والنهي يدل على الفساد قلنا : لا إشكال مع جهل كل منهما بالآخر ، أما مع العلم فيمكن أن يقال : النهي عن أمر خارج عن الصلاة لا نفسها ولا جزئها ، والوحدة وإن كانت شرطا إلا أنه مع تحقق السبق يتحقق الشرط ويشكل بأن المقارنة مبطلة قطعا ، فإذا شرع في الصلاة معرضا بها للإبطال كانت باطلة ،