وجوده إلى عدمه فيبطل ، وإن كان قد يدفع الأخير بأن هذا السفر وإن لم يكن مفوتا لخطاب الجمعة لكنه مفوت لفعلها كما هو مبنى الاستدلال على الظاهر فيحرم لذلك ، ومن هنا كان المتجه الجواز فيما إذا أمكنه فعلها في السفر ، كما لو سافر على جهة الجمعة أو عن جمعة إلى جمعة أخرى بين يديه يعلم إدراكها ، للأصل ، وعدم فوات الغرض ، إذ المكلف به صلاة الجمعة لا جمعة خاصة ، وظهور الأدلة في حرمة المفوت المندرج فيه السفر غالبا الذي ينصرف إليه إطلاق النبوي وغيره بناء على الاستدلال به ، نعم الظاهر عدم الرخصة في الترك لهذا السفر ، استصحابا للوجوب الحاكم على إطلاق الرخصة للمسافر ، بل ظاهر تلك النصوص سبق السفر على تعلق الجمعة لا العكس.
ومنه ينقدح عدم السقوط بتجدد سائر الأعذار من العرج ونحوه بعد تعلق الوجوب ، فدعوى أن تجويز السفر في الفرض مما يقتضي وجوده عدمه ـ لأنه على تقدير الجواز مقتض لحرمان الجمعة فيكون محرما ، وإذا حرم لا يكون مفوتا ، لأنه سفر معصية فيجوز حينئذ ، فيفوت فيحرم ـ واضحة الدفع حينئذ لما عرفت من وجوب الجمعة عليه عينا ، وأنه غير مندرج في أدلة الوضع عن المسافر ، قال بعض المحققين : وإلا لكان السفر جائزا له ، وكانت الجمعة موضوعة عنه ، ولا إثم عليه في شيء منهما ، وهو مخالف للإجماع ، وفيه أنه يمكن القول بالحرمة عليه لا طلاق النهي ونحوه وإن كان لو أثم فسافر يندرج في الوضع كمن أراق الماء ، وليس ذا من سفر المعصية الذي يثبت معه وجوب الجمعة ، بل المراد به المحرم من غير جهة الجمعة ، نحو ما لو نذر أن لا يفعل ما ينافي الصوم فأراد السفر ، بل لو قلنا بوجوب الجمعة والصوم وأن سفر المعصية شامل لهما أمكن أن يقال إن المراد أنه لو لم يكن التحريم لزم الفوات ، فثبوت الجمعة من حيث التحريم بسبب الفوات لا ينافي تعليل عدم الجواز بأن جوازه يستلزم فوات الجمعة ، إذ هو ثابت على تقدير الحرمة أيضا كما في كل علة ومعلول ، ومن هنا حكي عن بعض المحققين تقرير