تعليق التحريم بالنداء ومن حصول الغاية » قلت : لعل الأقوى الثاني بناء على إرادة الخطبتين من الذكر ، كما أنه قد يقوى عدم توقف التحريم على فعل الأذان ، بل المراد ترتب التحريم على الزوال كما عن الإرشاد والموجز والميسية والروض والمسالك ومجمع البرهان ، لأنه السبب الموجب للصلاة ، والنداء إعلام بدخول الوقت ، فالعبرة به ، فلو تأخر الأذان عن أول الوقت لم يؤثر في التحريم السابق ، لوجود العلة ووجوب السعي المترتب على دخول الوقت وإن كان في الآية مترتبا على الأذان ، إذ لو فرض عدم الأذان لم يسقط وجوب السعي ، فإن المندوب لا يكون شرطا للواجب ، ويمكن تنزيل الشهرة والإجماعات على ذلك ، لكن إذا كانت الصلاة حين الزوال فيراد حينئذ حرمة المفوت من البيع للسعي سواء حصل النداء أو لا ، والتعليق عليه في الآية جار مجرى الغالب باعتبار احتياجه للمساومة ونحوها مما يقتضي عدم السعي ، فالمراد حينئذ عدم التشاغل بالتكسب والاعراض عن السعي كما يومي اليه قوله تعالى (١) ( ذلِكُمْ خَيْرٌ ) والآية الثانية (٢) فلا يحرم حينئذ من البيع ما لم يكن مفوتا وإن كان بعد الزوال. ولعل مراد من علقه عليه ذلك ، إذ بدونه لا أعرف قائلا به من أصحابنا ، وإنما حكي عن أحمد ومالك ، فما في جامع المقاصد تبعا للتذكرة ومحتمل النهاية وظاهر المعتبر ـ من التحريم تعبدا بالأذان وإن لم يكن مفوتا ، بل هو مقتضى إطلاق باقي الفتاوى ومعاقد الإجماعات ، بل ربما كان كصريح بعضها ـ لا يخلو من نظر ، إذ لا مستند له إلا إطلاق الآية ومعقد الإجماع المنساق إلى ذلك بالتبادر ، فيكون الحاصل حينئذ بناء على ذلك أنه لا فرق بين البيع وغيره مما ينافي السعي يحرم حيث يكون مفوتا ولو قبل الزوال كما إذا كان بعيدا عن الجمعة ، ويجوز إذا لم يكن كذلك من غير فرق بين وقوع الأذان وعدمه ، فما صرح به جماعة بل قيل إنه المشهور بل عن المنتهى
__________________
(١) سورة الجمعة ـ الآية ٩.
(٢) سورة الجمعة ـ الآية ١٠.