الكسوفين الإجماع والنصوص من غير اشتراط بالخوف ، نعم قد يتجه ما فيهما من الاستشكال في انكساف بعض الكواكب من عين ما ذكر ، والأقرب الوجوب فيه أيضا لكونه من الأخاويف لمن يحس به ، والمخوف ما يخافه معظم من يحس به لا معظم الناس مطلقا.
قلت : قال في التذكرة : « هل تجب هذه الصلاة في كسف الكواكب بعضها لبعض أو كسف أحد النيرين بأحد الكواكب كما قال بعضهم : إنه شاهد الزهرة في جرم الشمس كاسفة لها؟ إشكال ينشأ من عدم التنصيص وخفائه ، والحس لا يدل عليه ، وإنما يستفاد من المنجمين الذين لا يوثق بهم ، ومن كونه آية مخوفة فيشارك النيرين في الحكم ، والأول أقوى » وقال في الذكرى : « لو كسف بعض الكواكب أو كسف الشمس ببعض الكواكب كما نقل أن الزهرة رئيت في جرم الشمس كاسفة لها فظاهر الخبر السابق في الآيات يقتضي الوجوب ، لأنها من الآيات » وقوى الفاضل عدمه ، لعدم النص وأصالة البراءة ، ومنع كون ذلك مخوفا ، فان المراد بالمخوف ما خافه العامة غالبا وهم لا يشعرون بذلك ، وفي المدارك بعد نقل ذلك عنهما قال : « والأجود إناطة الوجوب بما يحصل منه الخوف كما تضمنته الرواية (١) » ولا يخفى عليك محال النظر من ذلك كله ، خصوصا ما في كشف اللثام ، لما عرفت من انصراف إطلاق أدلة الكسوف إلى ما هو المتعارف منه كائنا ما كان سببه ، أما غيره فلا يدخل تحت الإطلاق المزبور ، بل ربما شك في صدق الاسم على بعض أفراده فضلا عن انصراف الإطلاق إليه ، نعم قد يتجه وجوب الصلاة له إذا كان يدخل تحت أخاويف السماء كما أشار إليه في الذكرى ، أو مسمى الآية بناء على الوجوب لهما كما ستعرف ، وكان الحاصل مما يتحقق به مسماهما ، فاطلاع بعض الناس حينئذ على انكساف النيرين ببعض الكواكب مثلا لا عبرة به من حيث الكسوف إذا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ـ الحديث ١.