لا أن المراد منه التوقيت على حسب ( لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) بل لعل التأمل في حكمة الشرع وطريقته في الموقتات يورث القطع هنا بعدم إرادة التوقيت الذي يسقط الفعل بقصوره عنه ، ضرورة منافاة ذلك لغرض الوجوب وحكمته بضرب مثل هذه الأوقات القصيرة التي لا تسع الفعل المحتاج إلى مقدمات بالنسبة إلى غالب المكلفين في غالب الأوقات ، ولو أراده الشارع لم يكن ليكتفي بهذه التعبيرات عنه ، بل ظاهر الإطلاقات والتعليلات يقضي بخلافه ، بل وكذا قوله عليهالسلام في الحسن السابق (١) : « وإن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتم ما بقي » إذ هو وإن ذكرنا فيه ما سمعته لكن الإنصاف أن المتجه على التوقيت استئناف الصلاة من رأس ، وسعة الوقت في الواقع لا تجدي في صحة الفعل المعتبر فيه وقوعه فيه ، وإدراك الركعة إنما يثمر لو أدركها فعلا لا سعتها ، والخبر في الإتمام مطلق ، بل لا يخفى ما فيه من الإغراء بفساد الفعل بالأمر بالتطويل فيه لو كان الوقت معتبرا فيه ، والاعتماد على الاستصحاب في نحو المقام الذي ينبغي شدة المحافظة فيه على الوقت تحصيلا للبراءة من الشغل مناف للجزم ، بل يظهر من جماعة عدم الالتفات إليه في رفع الإشكال الذي أورده بعض متأخري المتأخرين على قولهم : « لو قصر زمانها عن أقل الواجب سقطت ، وتجب مع اتساع الزمان بعلم أو ظن غالب من رصدي أو غيره » بأنه بعد تسليم اعتبار الرصدي ونحوه يشكل الأمر لو فرض عدم الرصدي كما هو الغالب ، فلم يعلم حينئذ تحقق شرط الوجوب من أصله ، مع أنه حكي الإجماع على أن أول الكسوف أول الصلاة ، بل هو معلوم قطعا ، ضرورة أنه على تقدير الالتفات إلى الاستصحاب المزبور يرتفع الاشكال من أصله ، ولا يحتاج إلى تكلف إنكار الفرض المزبور لغلبة حصول الظن بالسعة من العادة ونحوها ، مع أنه كما ترى ، وربما يقال : إن الاستصحاب لا يصلح لتحقيق شرط
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ـ الحديث ٦.