وشرحه « إن آذنا بالإعراض أو نافيا الخشوع » بل عن الجعفرية وحاشية الإرشاد وإرشاد الجعفرية « الاقتصار على الإيذان بالاعراض » وعن الجواهر المضيئة « يبطلان لمنافاتهما الخشوع » كالمحكي عن المهذب البارع من « أن الأقوال في ذلك ثلاثة : الإبطال بالمسمى ، وهو ما يبطل الصوم ، والإبطال بالكثرة فلا يبطل باللقمة الصغيرة ، والإبطال بمنافاة الخشوع ولقمة صغيرة ـ ثم قال ـ : وهو ما اخترناه ».
لكن الجميع كما ترى ، ضرورة عدم ثبوت البطلان بالايذان بالإعراض أو بمنافاة الخشوع إن لم يرجعا إلى ما ذكره من المحو أو معلومية المنافاة عند المتشرعة ، ولعله لذا قال في جامع المقاصد : « واختار شيخنا في بعض كتبه الإبطال بالأكل والشرب المؤذنين بالإعراض عن الصلاة ، وهو حسن ، إلا أنه لا يكاد يخرج عن التقييد بالكثرة » وإن كان فيه نظر أيضا ، وكان القول الأول الذي حكاه في المهذب هو الذي حكاه في جامع المقاصد ، حيث قال : « وأغرب بعض المتأخرين فحكم بإبطال مطلق الأكل حتى لو ابتلع ذوب سكرة ، وهو بعيد » وربما بتوهم أيضا من إطلاق بعضهم البطلان بالأكل والشرب ، لكن قد عرفت إجماع المنتهى وغيره الصريح في أن الصلاة ليست كالصوم تبطل بمطلق المسمى بل يمكن تحصيل الإجماع عليه في الجملة فضلا عن الإجماع المنقول كما هو واضح بأدنى التفات إلى سيرة أهل الشرع ، وعدم مبالغتهم في زوال ما يبقى في الفم عند الصلاة ، فلا ريب في وضوح الفرق بين الأكل المنافي للصوم والمنافي للصلاة ، وليس هذا قول منا بأن القليل من الأكل والشرب غير مبطل للصلاة ، فيكونان حينئذ كسائر الأفعال التي يبطل كثيرها دون قليلها ، بل المراد بيان أنه وإن قلنا بأن الأكل والشرب مطلقا مبطلان للصلاة لحصول اسم المحو أو لثبوت المنافاة في أذهان المتشرعة أو لإجماع الشيخ أو لغير ذلك فليس المراد أنه يقدح في الصلاة ما يقدح منه في الصوم إذ المدار ما عرفت ، وهو لا يقضي بذلك قطعا كما هو واضح.